العدد 2115
الأربعاء 30 يوليو 2014
banner
شعبية الدم بين داعش والقاعدة أحمد مبارك سالم
أحمد مبارك سالم
وقفات
الأربعاء 30 يوليو 2014

تستعر الأحداث في سوريا والعراق وتلتهب في كل يوم، ويعلن ما بين عشية وضحاها المدعو أبوبكر البغدادي أنه أصبح خليفة للمسلمين، وأن دولته ستتوسع لتزيل عروش الطواغيت على حد تعبيره، ويدعو هذا الزعيم المزعوم في تسجيل صوتي إلى هجرة الكفاءات من مختلف البلدان والأصقاع إلى بلاد الخلافة الإسلامية التي بويع بخلافتها؛ ليسهم الجميع في رد المسلمين إلى دينهم على حد وصفه واعتباره لمن يعيش تحت حكم غيرهم.
هذا هو ملخص آخر الأحداث التي جرت في بلاد الشام والعراق على خلفية سيطرة قوات داعش على عدد من الأقاليم والأقطار في العراق والشام، وها قد أصبح لدولة تدعي الخلافة الإسلامية كيان وافق عليه من وافق من باقي الحركة الإسلامية المتطرفة هناك، ورفضه من رفض، فداعش ليست هي الحركة المتطرفة الوحيدة التي تنادي بشعبية الدم في تلك البقاع.
أعني بشعبية الدم حب الاشتهار بالتقتيل والتنكيل، فعلى الرغم من أن المولى تعالى يأمر بإحسان القتلة في كل شيء، إلا أن داعش و”أخواتها” تحب أن تظهر ما بين الفينة والأخرى بفيديوهات تقوم فيها بقتل من تدعي عليهم القيام بالظلم والقهر لأهل السنة، ظناً منها أنها بهذا السلوك ستردع كل من تسول له نفسه النيل من كيانها ومقدراتها.
إن الحركات المتطرفة التي تنادي بشعبية الدم تتوالد، وفي بعض الأحيان تتضارب، فالظواهري زعيم القاعدة بعد مقتل ابن لادن يندد بما قامت به حركة داعش من قيام بإعلان قيام الخلافة الإسلامية، وقيامها بمحاربة الحركات الإسلامية هناك، وهي في ذات الوقت تقاتل الجيش الحر بذريعة الادعاء بعمالته لإسرائيل، ولا يدخل في بلد إلا هدم وأتلف وخرب ما خرب فيها بحجة محاربة الشرك، ولا يتورع المنتمون لهذا التنظيم من التنكيل دون هوادة حتى بكبار السن الذين يمارسون بعض الأمور المغلوطة بسذاجة ودون وعي، ونسوا أو تناسوا أن الدعوة لا تكون إلا بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، وأن المولى تعالى هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.
على أنه يتعين علينا في هذا المقام ألا نخلط الأوراق بخصوص ما يجري في العراق الشقيق، فهناك مع ولادة هذه الحركة عشائر شريفة تدافع عن حقوقها ضد تسلط وطائفية المالكي الذي نكل بأهل السنة في العراق، مع التأكيد على أن الحركات المتطرفة إنما زرعتها الأنظمة التي تريد ضرب أهل السنة من الخلف، وما حصل ومازال يحصل في العراق وإعلان الحركة التي تسمي نفسها داعش تحت حكم زعيمها أبوبكر البغدادي إلا إعطاء فرصة للتدخل الأميركي لضرب الثوار من العشائر هناك بحجة كسر شوكة الحركة الإرهابية المتطرفة التي تنعت نفسها بداعش.
ورغم ما تقوم به الحركات المتطرفة التي تسيء إلى سمعة الإسلام والمسلمين، فإن الدين الإسلامي بغالبية أهله الذين ينتمون إليه سيبقون إلى أن يرث المولى تعالى الأرض ومن عليها مبرزين سمة التسامح والدعوة بالتي هي أحسن، والتأكيد على أن أمة الإسلام ما وجدت إلا لخدمة الحضارة الإنسانية وخدمة البشرية، وليس للقتل والتنكيل وإظهار صورة بشعة لا تعبر عن الإسلام لا في ظاهره ولا في باطنه، فعجل المولى تعالى بزوال أمثال هذه الحركات المتطرفة التي أضرت بأمة محمد صلى الله عليه وسلم بشكل كبير وأساءت إلى سمعة الإسلام لأجل مصالح دنيوية لا يجري خلفها إلا من كانت الدنيا في قلبه، فاللهم قنا شرهم، وأبعد عنا مكرهم واجعله في خسران.

زبدة القول
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يُرحب بهذا الفكر المتطرف الذي يسير على خلاف الأحكام الشرعية المرعية، بل ودلالات الكليات الشرعية التي يقررها الشارع الحكيم، وما حصل من الحركات المتطرفة التي نبتت على خلفية الصراع الطائفي في العراق والشام ينذر بشر مستطير ستزيد وطأته خصوصا إذا ما سقطت الأنظمة الحاكمة هناك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .