العدد 2177
الثلاثاء 30 سبتمبر 2014
banner
العنف ضد الأطفال في المجتمع أحمد مبارك سالم
أحمد مبارك سالم
وقفات
الثلاثاء 30 سبتمبر 2014

يمثل العنف ضد الأطفال ظاهرة مجتمعية خطيرة ينبغي على المجتمع استقراؤها واحتواؤها بمنهجية علمية مدروسة، فالطفل كائن ضعيف لا يستطيع في الغالب الأعم أن يدافع عن نفسه من اعتداء المعتدين، خصوصا إذا كانوا من أقربائه، ولاسيما إذا كان العنف موجهاً من الأبوين ضد هذا الطفل من خلال فهم مغلوط لقيم التربية ومقوماتها.
طالعتنا الأخبار بالأمس القريب بإحصاءات يندى لها الجبين متعلقة بممارسة العنف ضد الأطفال في المجتمع البحريني، حيث ورد ضمن سياقها أن هناك طفلا على الأقل يتعرض لعنف جنسي في البحرين كل ثلاثة أيام، وأنه تم تسجيل حالتي عنف ضد الأطفال في البحرين يومياً، كما أشارت الأرقام بأن هناك 162 حالة تلقتها وزارة التنمية الاجتماعية من العنف ضد الأطفال، صنفتها ما بين 92 حالة عنف جسدي، و34 حالة عنف جنسي، و27 حالة عنف نفسي، و9 حالات إهمال شديد، كما تناولت الأخبار حول هذه المسألة الكثير من الأرقام والإحصائيات الصادرة عن وزيرة التنمية الاجتماعية حول هذه الظاهرة الخطيرة.
وبناء على هذه الأرقام والإحصاءات، فإن الأمر في ظل ارتفاع معدلات العنف ضد الأطفال في المجتمع بات يحتاج إلى وقفة جادة، تتضمن في أهم جوانبها التركيز على أهمية تصحيح المفاهيم المغلوطة حول التربية ومقوماتها، فهناك الكثير من الآباء لجهلهم يظنون أن من حقهم بحجة التربية أن يضربوا وأن يعنفوا وأن يذيقوا الأبناء مر العذاب حتى يقوموا سلوكهم، ونسوا بذلك أو تناسوا أن التربية تهذيب وأسلوب ينبغي عليهم التأهل له في الجملة والتفصيل من قبل المختصين في التربية وعلم الاجتماع.
إن الإشكالية في استيعاب المفاهيم المرتبطة بالتربية بصورة مغلوطة تقترن بالكثير من الإشكالات، فمنذ تأسيس العلاقة الزوجية بارتباط الزوج بالزوجة ومؤسسة الحياة الزوجية يعتريها الكثير من الجهل في الممارسة وضعف التأهيل، فكيف يكون لعلاقة زوجية عجز طرفاها عن ضبط سلوكيات العلاقة بينهما أن تكون لهذه العلاقة ثمرة يانعة في تربية النشء في مختلف جوانب التربية، فبدلاً من أن تطل علينا وزارة التنمية بهذه الأرقام الخطيرة كان الأجدى بها أن تضع الأمور في نصابها من خلال التعقيب عليها بقيام الوزارة ببرنامج علمي لاحتواء هذه المؤشرات الخطيرة، وذلك فيما يرتبط بسوء الفهم للكثير من الجوانب التربوية، والتي ترتبط إما بجهل الأبوين وضعف مستواهم التعليمي، وإما – وهو الغالب الأعم – بضعف برامج التوعية التي تتبناها الجهات الرسمية والأهلية في المملكة، والتي ينبغي – لضمان فاعليتها أن تقترن باستدامة حقيقية قائمة على رصد جانب التحسن بالمتابعة والاهتمام -.
وإذا كان الجانب التربوي والقصور فيه قد أسهم ومن دون شك في بروز ظاهرة العنف ضد الأطفال في المجتمع البحريني، فإن هناك مسألة مهمة ينبغي التركيز عليها، وهي تتعلق بمشكلة الاعتداء الجنسي على الأطفال، حيث ترتبط هذه المشكلة بالعديد من الأسباب التي تم بسببها رصد الظاهرة في البحرين، ولعل من أبرز هذه الأسباب ضعف الوازع الديني لدى المعتدي، وقصور الفهم وعدم الإدراك لحجم الجرم تقديراً لحجم الأمانة المقترنة بعملية التربية، فالأطفال أمانة استأمن المولى تعالى عليها الآباء أو من يقوم بالمسؤولية عليهم، ولا شك أن تضييع هذه الأمانة سبيله مزيد من التفريط فيها بعمد أو إهمال، كما أن من أسباب تفاقم هذه المشكلة عدم تجريم هذه الأفعال وقرن هذا التجريم بنطاق عقوبة رادع، مع عدم رهن تحريك الدعوى الجنائية ضد الجاني بالشكوى، وربط ذلك بحق المجتمع في وقف اعتداء كل من تسول له نفسه الاعتداء على الأطفال، فكيف إذا كان هؤلاء الأطفال هم الأبناء أو أياً كانت قرابتهم للمعتدي؟ حيث لابد من توسيع نطاق التجريم في ذلك لتحقيق الردع المناسب، وعدم التقاضي أو التساهل مع من أجرم في حق طفل دمر نفسيته وضيع مستقبله.
زبدة القول
إن المؤشرات التي بثتها وسائل الإعلام المختلفة على لسان وزيرة التنمية الاجتماعية تحتاج إلى وقفة ولا ينبغي أن تمر مرور الكرام، فمجتمع محافظ كالمجتمع البحريني يعتبر حصول مثل هذه المسائل في واقعه بمثابة أمور دخيلة ينبغي احتواؤها بشكل فوري وجاد ووفق برنامج علمي وعملي رصين بعد رصدها بالمؤشرات، مع الاستعانة بالمختصين في ذلك ضمن مختلف المراحل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية