العدد 2757
الإثنين 02 مايو 2016
banner
انهيار القيم! شفيقة الشمري
شفيقة الشمري
بلا رتوش
الإثنين 02 مايو 2016



بلا رتوش... مواقع التواصل الاجتماعي تساهم بشكل واضح في إظهار كل العقد النفسية والسلوكية لدى الإنسان سواء في مضارب العرب أو مضارب الغرب والشرق، هناك انهيار حاد وسريع وخطير للقيم والمبادئ نعيشه اليوم ونراه واضحا في حديث الناس في العالم الافتراضي، ضاع التخصص فكل انسان ممكن ان يمنح لنفسه ما شاء من الألقاب ويضعها على حساباته في العالم الافتراضي، بل إن البعض اصبح يمنح لنفسه من الألقاب التي لا يمنحها عاقل لنفسه، لأنها من نوعية الألقاب التي تمنح من قبل المجتمع للشخص الذي يستحقها، ويستطيع أي شخص عادي أن يدون الكثير من الملاحظات عند متابعته الصراعات الافتراضية والمهاترات التويترية، ولا شك ان التطور الحاصل في الاعلام بشكل عام كشف النقاب عن الكثير من القضايا غير التقليدية التي باتت تضرب أعماق مجتمعنا العربي فأساءت لتاريخه وقيمه الاسلامية.
منذ فترة شهر ونحن في البحرين مثلا نراقب باستغراب يصل الى الذهول وصلات الردح التويتري لأشخاص من انصاف المتعلمين يصرون على تنصيب انفسهم بأنهم ادوات رأي عام ولا اعرف من منحهم هذه الصفة او من خولهم الحديث بالنيابة عن البشرية قاطبة، أغلب وصلات الردح كانت موجهة ضد شخصيات وطنية لها وزنها وتاريخها وعطاؤها وإنجازاتها، ولأن تلك الشخصيات ذات مسؤوليات متعددة فليس لديها الوقت للرد على تلك المهاترات.
كما أنه خلال الأشهر الأخيرة بدأت وسائل الاعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي التركيز على ظواهر جديدة في المجتمع العربي، كان أهمها ظاهرة زواج المثليين التي أثارت جدلا واسعا، وموضوع البويات وقصصهن التي لا تنتهي، وتحول بعض المغردين الى دعاة وقضاة وخبراء وفلاسفة، واشتغل بعض النواب والمسؤولين كمخبرين سريين فأخذوا يطرحون كل الملفات والأسرار والتوجهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليقنعوا الناس انهم مصدر الخبر وأنهم على اطلاع كبير وأنهم مقربون من اصحاب القرار علما ان بينهم وبين السياسة ما بين التهريج والكياسة، تلك المهاترات والسجالات تعكس انهيار قيم مهمة في مجتمعنا العربي والخليجي، عدد القضايا في الجرائم الالكترونية كبير، وهم يقومون بجهد جبار يشكرون عليه، لكن هذا يعكس الى أي مدى اصبح التويتر وإخوانه مصدرا للإزعاج وعدم الاستقرار، وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي الى مواقع التناحر الاجتماعي، نحن هنا نؤكد أن الممارسات الشيطانية في الفضاء الافتراضي في منتهى الخطورة على القيم الإنسانية والروحية للإنسان والمجتمع.
وإن كان لابد لنا ان نذكر فقط بتداعيات انهيار القيم فيكفي ان نرصد مظاهر انهيار القيم الاقتصادية وانتشار الغشِّ والرِّبا والاحتكار والاستغلال، ومظاهر انهيار القيم الاجتماعية كالتفكك الأسري والانحراف، ومظاهر انهيار القيم السياسية مثل الفساد السياسي والرشوة والنفاق والخداع، ومظاهر انهيار القيم الفكرية مثل سرقة جهود الآخرين وانتشار سياسات التجهيل والترويج للنماذج الفكرية الفاسدة وانهيار القيم الإعلامية مثل الانحراف الأخلاقي، مشاهد خادشة للحياء، التَّضليل الإعلامي والترويج للكذب، وانهيار القيم التربوية وهي تمس بعض المدارس والكليات ومؤسسات التكوين بحيث تسلم لخريجيها شهادات فارغة من المحتوى الأخلاقي ناهيك عن غياب واضح لثقافة المسؤولية مثل التقاذف بالاتهامات بين المسؤولين، والتقصير في أداء الواجبات؛ بحجة أنَّ فلانا أو (علانا) مقصر.
 ختاما اقول لسنا مع تكميم الأفواه ولا تقليل نعمة الحرية التي كانت ومازالت وستظل احدى ثمار المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى لكن مع ان نحافظ على ما تبقى من قيمنا العربية الاسلامية الاصيلة وأن نعيد ترميم ما انهار منها بالتربية والتعليم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية