العدد 2143
الأربعاء 27 أغسطس 2014
banner
أميركا... الرجاء ضبط النفس! فاتن حمزة
فاتن حمزة
رؤيا مغايرة
الأربعاء 27 أغسطس 2014

أثار مقتل الشاب ذي الأصول الإفريقية مايكل براون في التاسع من أغسطس جدلا واسعا، ليس فقط في الولايات المتحدة بل في العالم بأسره فالموقف أثار دهشة وتساؤل كل دولة عانت من ضغوطات وأوامر أميركية تتمثل في وقف العنف، وتدخلات سافرة مناقضة للقوانين المتعارف عليها والمتفق عليها دولياً، وإرسال وكيل وزارة خارجيتها المكلف بشؤون حقوق الإنسان ليمارس تدخلات تلبي مصالحها واللعب على الحبلين، وحث الأطراف على التفاهم وضبط النفس ودخول الحوار، دولة تسلطت وتفردت في قرارات دول ليست من شأنها، وشهدنا لها العديد من عمليات التجسس للكثير منها، للأسف دولة بحجمها وتقدمها لا تزال تفتقر لفهم الديمقراطية الحقيقية والعمل عليها هذا ما دعى للاستغراب والتساؤل، فلو كان موقف الدولة من مقتل الشاب في بلد آخر قد لا يأخذ مثل هذا الصدى والجدل الواسع، وزبدة القول “فاقد الشيء لا يعطيه”!
شهدت مدينة “فيرغسون” بولاية ميزوري الأميركية اضطرابات وأعمال عنف منذ مقتل الشاب الأسود “ترايفون مارتن” برصاص شرطي أبيض، حادثة ليست الأولى فقد تكررت مسبقاً وإن تعددت الأسباب فالهدف العنصري والاختلاف الطبقي والاقتصادي واحد، ومازالت أميركا تشهد عنفا واعتقالات وحرمانا من تقرير المصير ضد المواطنين السود مع تساهل وتجاوزات للبيض!
الأجواء المتوترة وإطلاق النار والاضطرابات التي خاضتها أميركا مع المواطنين الأفارقة دليل واضح على حجم الكبت والقهر والظلم والاضطهاد الذي يمارس في حقهم، أين هذا الحماس والادعاء بالمبادئ والإنسانية تجاه غزة بوقف الإبادات والقتل على أيدي الصهاينة، سكوتها على جرائم إسرائيل ووجود داعش في سوريا يبعث على الاستغراب، ولا تزال القضية عالقة في ظل صمت من قبل منظمات حقوق الإنسان عنها وعن ما يحدث اليوم في “فيرغستون” معرضين عن مطالبهم والأوضاع المتدهورة ومنشغلين بالوضع العربي.
موقف أميركي دولي أكد ورسخ حجم رقي وحضارة وحكمة البحرين في تعاملها مع المدعين بالمعارضة، موقف أثبت من هو الذي كان من المفترض عليه أن يضبط نفسه وهدوءه ويحترم حق التعبير عن الرأي، لقد شوهت أميركا بمواقفها المتجبرة مفاهيم العدالة، وأثبتت تناقضها وعدم نضجها في تقييم الأمور بديمقراطيتها الكاذبة والمتغطرسة، لقد فقدت مكانتها في الخارج بسبب استكبارها وفرض تسلطها، واليوم بدأت تفقد هيبتها من الداخل بسبب القوة المفرطة في التعامل مع المتظاهرين وقراراتها المتناقضة وصمتها عن آلاف القتلى في غزة وسوريا وتفرغها لافتعال الشر والفتن في المجتمعات العربية.
اليوم غير الأمس وكي تستعيد الولايات المتحدة الأميركية هيبتها عليها إعادة النظر في توجهاتها ووقف تدخلاتها، والحد من التمييز العنصري بضبط النفس والإنصات لمتطلبات المتظاهرين والتحاور معهم بحكمة، ونصيحتي أن تقتدي بسياسة البحرين الحكيمة في تعاملها مع “المتظاهرين السلميين!!” بما يتناسب مع الدستور والقانون لضبط الأمن.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .