العدد 2150
الأربعاء 03 سبتمبر 2014
banner
“الديمخراطية القادمة”!! فاتن حمزة
فاتن حمزة
رؤيا مغايرة
الأربعاء 03 سبتمبر 2014

يؤسفنا أن نتكهن ببوادر فشل مجلس النواب للمرحلة المقبلة مبكراً، تصحبها مشاعر الإحباط واليأس من تحقيق تطلعاتنا وآمالنا التي تعذر تحقيقها بالسابق، إنها ليست نظرة تشائمية إنما واقع فرضه بعض المترشحين بفعل أساليبهم في شراء الذمم وحيلهم ودعاياتهم الانتخابية الغريبة والمضحكة، أو بسبب تصرفات مخجلة من البعض تؤكد عدم كفاءتهم كالذي ذهب لإحدى الصحف يطلب استلام أوراق ترشحه للانتخابات ظناً منه أنها هي من تسلم طلبات الترشح، إنها علامات لـ “الديمخراطية القادمة”!
من المعيب أن يقدم البعض على ترشيح نفسه بينما يفتقد للأسس السليمة والمقدرات العالية التي تؤهله لخوض التجربة بنجاح وتحقيق المكتسبات المرجوة، إن لكل مرشح دوافع وأهدافا منها ما هو معلن وآخر غير معلن ضمن برنامجه الانتخابي وهو الأهم، فمن الطبيعي أن يكون المعلن وعود تنافسية يتحايل بها للوصول إلى مقعد تحت قبة البرلمان، بينما البعض يخفي رغباته الحقيقية غير النزيهة ومصالحه الشخصية المترقبة، وهنا مكمن الخطر وبداية للتخبطات والسير نحو المجهول بخطوات غير ثابتة وقرارات منحازة، فالمصلحة الشخصية إن طغت على المصلحة العامة ستتسع الثغرات وتتهيأ لاستقبال “عروض استدراجية” كالرشوات والمغريات التي تشتت الأهداف، وتعرقل تحقيق متطلبات شعب مخدوع ضاعت حقوقه وتبددت أحلامه ليصبح ضحية محتال وعد فأخلف! وبذلك سيُسرق المال العام في هدوء ويصبح الفساد على المكشوف لغياب ضمير وإنسانية النائب، الذي ملأ جيوبه بعد ثقة المواطنين ثم هرب من مسؤولياته وواجباته تجاههم.
إن كان سبب الترشح حب الوطن والحرص على مصالحه فكلنا نعشقه ونحمي ترابه ونحرص على بقائه وتقدمه، أما الوعود الإصلاحية التي يعول عليها ترشيحه فهي حبر على ورق، وتحقيقها يتطلب مقومات حرفية ووعيا كافيا وكفاءة ليكون جديراً لحمل شرف ثقة المواطن.
الظروف الراهنة والأوضاع السياسية المتغيرة وحالة الدولة تتطلب من الجميع العمل بذمة وضمير لتحقيق مكاسب شعبية مرضية كفيلة بتهدئة الشارع واحتوائه، ولتحقيق ديمقراطية حقيقية نحتاج لتعاون الدولة مع النواب واحترام آرائهم وقراراتهم، لنضمن بيئة نظيفة تحقق المطالب المشروعة بخطوات جادة تحد من الفساد والفقر والبطالة.
نحن بحاجة لنواب لديهم القدرة الكافية على استغلال طاقاتهم وكل صلاحياتهم لتمثيل الشعب تمثيلا صادقا وعلى أكمل وجه، نواب منصفون حقيقيون قادرون على التغيير، ومستعدون بشجاعة لمواجهة كل ما يتضارب ويتعارض مع المصلحة العامة حتى إن كان “وزيرا”، نحن بحاجة لنواب يمتلكون كل ما يهيئ لهم الطريق نحو الحق والعدالة، ويؤهلهم للضغط على السلطة التنفيذية والقضائية لسن وتنفيذ قوانين تصب في مصلحة الجميع.
نخوض اليوم مرحلة مهمة تتطلب من جميع الأطراف صبرا وطولة بال لنستعيد الثقة بالمجلس النيابي والسلطات، وللدولة دور في استعادة هذه الثقة بجديتها في الإصلاح، مرحلة قادرة على إفراز أفراد ومخرجات حقيقية للتمثيل الشعبي بكل شفافية ومصداقية إن أجدنا الاختيار، والحذر مطلوب لنتجنب الوقوع في الفخ فلا يجب أن تقودنا كلماتهم الرنانة ووعودهم المزيفة نحو الهاوية.
ولا يغيب عنا احتمال دخول المدعين بالمعارضة للمجلس، لندخل معركة عند صنع القرارات وسنشهد مزيدا من التحديات والمعوقات والتضاربات التي ستزيد من حجم مسؤولية النواب، لذا يجب اختيار الأخير والأصلح كي لا نعض مستقبلاً على أصابعنا حسرة وندفع ثمن هذا الاختيار.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية