العدد 2010
الأربعاء 16 أبريل 2014
banner
سر الجاكيت ذو النجمة الحمراء أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأربعاء 16 أبريل 2014

    خلال زيارة المشير عبدالفتاح السيسي الأخيرة لموسكو مع بداية عام 2014 لفت انتباه المراقبين مشهد قيام الرئيس الروسي فلادمير بوتين بإهداء المشير السيسي “جاكيت” روسيا تقليديا يحمل علامة النجمة الحمراء كبيرة وواضحة، ظهر بها المشير السيسي في الاستقبال المميز والخاص الذي حرص بوتين أن يظهره للعالم في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تحارب مصر وتضيق عليها الخناق لصالح الإخوان المسلمين، ماذا نقرأ وراء هذا الجاكيت الأحمر للذين لا يعرفون شيئاً عن هذا الجاكيت ولا عن النجمة الحمراء؟
النجمة الحمراء هي رمز القوة السوفيتية إبان العصر الذهبي للاتحاد السوفيتي حين كان العالم يحكم من قبل القطبين الدوليين وليس عالم الولايات المتحدة وحدها، وكانت النجمة الحمراء شعار القوة الروسية منذ الحرب العالمية الثانية إلى أن هدم جورباتشوف الامبراطورية السوفيتية وأخذ المكافأة الأمريكية بالسماح لإلقاء محاضرات في الجامعات الأمريكية بعد أن تخلى عن حكم أقوى دولة في العالم.
الرئيس بوتين يبدو بعد أحداث أوكرانيا وبتطبيع العلاقات الإستراتيجية مع مصر أصبح يحلم بعودة الدب الروسي لعنفوانه والسؤال كيف يمكن للعرب ودول العالم الاستفادة من هذه العودة مع وضع في الاعتبار أن لروسيا مصالحها مع الولايات المتحدة والغرب؟ ولكن يمكن توظيف التناقضات الحاصلة اليوم على الساحة الدولية لصالح الدول التي أذلتها أمريكا.
يقول مؤنس زهيري الكاتب الصحفي بجريدة الأخبار المصرية في تدوينة له على صفحته عبر “فيس بوك” على زيارة المشير السيسي لروسيا “موسكو تردّ الجميل لمصر.. مصر بثورة الثلاثين من يونيو أعادت اكتشاف روسيا وقدّمت (الدبّ الروسي) للعالم مرّة أخرى، بعدما نجح العميل الأمريكي غورباتشوف في حبسه لأكثر من عقديْن من الزمن.. مصر تعيد رسم خريطة العالم السياسية بتلك الثورة.. والجاكيت العسكري، ذو النجمة الحمراء الذي أهداه رئيس روسيا لوزير الدفاع المصري، هو في حقيقة الأمر رسالة للولايات المتحدة الأمريكية، بأن السلاح الروسي في طريقه إلى يد المقاتل المصري، مرّة أخرى أقوى وأحدث مما كان عليه حين دخل السلاح الروسي للمرة الأولى لمنطقة الشرق الأوسط عن طريق “مصر” مع صفقة الأسلحة التشيكية سنة 1955”.
ما أريد أن أقوله هنا وبالصراحة التي قد تزعج البعض إننا لم نستفد من الديمقراطية، هذه الديمقراطية التي جاءت بها أمريكا بالدبابات في العراق وليبيا، وفشلت هذه الديمقراطية فشلاً ذريعاً ودمرت الأخضر واليابس والحرث والنسل كذلك، وإذا كنا نعتقد وما زلنا بأن الديمقراطية الأمريكية - التي للأسف ما زال يروج لها بعض الحكام والزعماء العرب العملاء لأمريكا - مازالت بها بقايا من روح فأود أن أحيل هذه الديمقراطية إلى أصلها، فهي واحدة من أصعب المفردات وأعقدها في العالم الغربي وهي ترتبط بالعقل والوعي وعمرها يبلغ فوق التسعة قرون من الزمن, واختُبرت في روما القديمة ثم أعيد إحياؤها فيما بعد الحرب العالمية الثانية حين ضُمت إسبانيا والبرتغال لحزام الديمقراطية الأوروبية إثر تدني سمعة فرانكو الإسباني وغياب هتلر الألماني وإحياء النظام الصناعي الياباني في ضوء انبثاق فكرة الديمقراطية الجديدة على أنقاض الحرب، هذه الديمقراطية حين زُرعت في التربة العربية لم تكن سوى مشروع أمريكي أسود انهارت على إثره الدول ولم تبن طوبة واحدة على أنقاض هذا النظام أو ذاك من الأنظمة التي دمرتها الديمقراطية الأمريكية فلماذا الإصرار على الاستمرار في اللعبة؟
العالم اليوم يمر بمخاض خطير ومتغيرات تعيد رسم الخرائط من جديد وروسيا هذه المرة تعود بقوة للتوازن الدولي، ونصيحة لمن يستعجلون الديمقراطية على الطريقة الأمريكية أقول لهم بثقة لا حدود لها، ربيع العرب الدامي قد سقط وروسيا بضم جمهورية القرم لها غيرت الموازين، فهل ندرك الوقت ونزرع الثقة في أنفسنا بدلاً من الاستمرار كعملاء لأمريكا وكأنها إله الكون، لقد كسر المشير السيسي القادم من صفوف الجيش المصري شوكة أمريكا، فمن يجرؤ ويلحق به من الحكام العرب؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية