العدد 2413
الأحد 24 مايو 2015
banner
ثورة اللحوم! أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 24 مايو 2015

هوس اللحوم بلغ مداه الأسبوع الماضي وهذا الأسبوع، ونصيحتي باختصار في هذا الموضوع قاطعوا اللحوم تصحوا.
الهوس باللحوم أصبح قضية شعب البحرين، وكأن الدنيا في نهايتها، وبدلاً من الهوس بالأمن والاستقرار والقضاء على مخلفات ونفايات المحاولة الانقلابية وإعادة البلاد إلى حالتها المستقرة كما كانت قبل 2002، فإن قضية اللحوم طغت على كل ما عداها، فمجلس النواب في حالة هياج والصحافة والإعلام لا تنفك تذكرنا بأننا من أكلة اللحوم الحيوانية، طبعاً المجالس لا يدور حديث فيها سوى حديث اللحوم، تحولت حياتنا إلى دوامة لحمية حتى اللحمة الوطنية التي روجنا لها بعد الانقلاب من بعض المتاجرين بالوطنية نسيناها وانصب الاهتمام باللحوم الحمراء.
أزمة اللحوم تذكرنا بأزمة الأسمنت قبل سنوات، وأزمة السكر من قبلها، وارتفاع أسعار الرز قبل عقد مضى، وكلها حالات طارئة تحدث وتنتهي ولا تنتهي معها الدنيا، ولكن ذلك يعكس الهلع السريع والمباغت الذي يتعرض له البعض من دون التفكير بأن مثل هذه الأمور تحدث من وقت لآخر وتنتهي أو تعالج، صحيح أن مسألة اللحوم طرحت الخوف والخشية من فترة ما بعد الدعم، ولكن ثقتنا في اقتصادنا موجودة والبحرين -حفظها الله- مرت بأزمات خطيرة وعاصفة لا تقارن على الإطلاق بمسألة اللحوم -والحمدلله- تجاوزنها وهذه ليست سوى زوبعة في فنجان، ولكنها تعكس ضرورة وأهمية التعاطي مع الوضع المالي والاقتصادي في العالم كله والمنطقة، ولابد من الاستعداد والتحضير لمواجهة مثل تلك الأزمات، ولكن لا يجب أن تصل المبالغة والخوف والتوتر من اللحوم لهذه الدرجة، وكأننا لن نأكل اللحوم بعد اليوم.
نصيحتي تجنبوا اللحوم قدر الإمكان، فهي سموم و”بلاوي” وأمراض في القلب والشرايين، وهي أخطر من التدخين، وإذا أردتم أن تجعلوا اللحوم تأتيكم بدلاً من أن تذهبوا إليها، فقاطعوها أو على الأقل حدوا من تناولها، وهي وسيلة تساعد على الصحة والسعادة، لكن ما يثير الدهشة ليست اللحوم في حد ذاتها، بل الهوس بها لهذه الدرجة، أعرف أشخاصا فطورهم الصباحي وغداءهم وعشاءهم لحوم في لحوم، ولو كان الاهتمام في مجلسي النواب والشورى والإعلام والصحافة بمسألة الأمن والاستقرار والقضاء على مظاهر العنف والارهاب لكان هذا الهوس قد حقق لنا الأمن والاستقرار، اليوم هناك تحديات وتهديدات وجماعات خارجة على القانون تتربص بنا ليل نهار وتدعمها جهات أجنبية كما أن فرض الإرهاب بشكل يومي يضعف الاقتصاد ويبقى على الجمود، بالتالي إذا أردتم الأولويات، فاهتموا بمسألة الأمن أولاً حتى تأكلوا لحوم، فعندما نفقد الأمن نفقد اللحوم! وغيرها.
من المفارقات الغريبة أن البعض يخشى على بطنه قبل أن يخشى على حياته كلها سوى من الناحية الصحية وما تسببه اللحوم من “بلاوي” أو من ناحية تجاهله الأمن والاستقرار والغرق في البحث عن وسيلة لأكل اللحوم كل يوم، هذه المفارقة تعكسها حالة الهوس التي اجتاحت النواب ولم نرها فيهم عندما يتعلق الأمر باستقرار البلاد كلها، والسؤال هل اللحوم أخطر من مستقبل البحرين؟ لنفترض أن أسعار اللحوم بلغت السقف وانحدرت ظاهرة تناولها للصفر تقريباً هل تدركون بأن الأطباء سوف يفلسون بسبب تحسن صحة المواطنين؟ هذه ليست مزحة. اقرأوا مخاطر اللحوم الحمراء، وتابعوا نوعية اللحوم، ومن أين تأتي وكيف تخزن، وسوف تعلمون بأن المسألة لا تستحق كل تلك الضجة، إذا ارتفعت أسعار اللحوم، فهي في صالحكم.
من زاوية أخرى من المؤكد أن الجماعة الوفاقيين وأتباعهم في الداخل والخارج سوف يركبون الموجة كعادتهم ويجعلون من مسألة اللحوم قضية سياسة ويروجون بأن النظام في أزمة، وأن البحرين انهار اقتصادها، ولا أستبعد الدعوة كعادتهم لثورة جديدة تسقط النظام؛ لأن الدولة لم توفر اللحوم لشعبها.
يخرب بيت اللحوم ويخرب أبو اللحوم وكل من يجعل من اللحوم قضية سياسية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية