العدد 2511
الأحد 30 أغسطس 2015
banner
ماذا جنينا من الديمقراطية؟ أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 30 أغسطس 2015

طلع علينا وزير سابق يشبّه ثورات الدم وربيع الزفت بثورة النبي محمد وعمر بن الخطاب، حيث لا يذكر في مقاله كل الحقائق والمعلومات والنتائج التي أسفرت عنها الكوارث الثورية في ليبيا وسوريا وغيرها والتي لم يعد حتى مشعلوها الغربيون يذكرونها وتبرأوا منها ليأتي ويشبه ثورة الدم بثورة الرسول محمد بن عبدالله ولن أعطي الرجل حرفا واحدا أكثر.
نتيجة الديمقراطية تجاسر كل ذي قلم معطوب على استباحة الحقائق، وكأننا في زمن الديناصورات. هناك آخر عاد وهو خليجي من زمن اليسارية المنتهية الصلاحية ذكر هو الآخر في جريدة محلية بالقول إن زمن النفط انتهى وبدا متفائلاً وسعيدا بأن النفط سوف ينتهي من حياة العرب لأنه شكل ما يدعي أنها نقمة، ونسي كل هذا الازدهار والرخاء الذي حققته الأمم والشعوب بفضل نعمة النفط ولكنه يحن لزمن الثورات البائسة حاله حال صاحبنا البحريني وهما للعلم رفيقا حزب واحد من القرن الماضي فلا عجب أن يتناغما.
سؤال ولا أريد جوابا عليه، واحتفظوا بالإجابة مع أنفسكم وبصدق لأن الأمر في سركم ولن تحاسبوا على الجواب. ماذا جنينا من المشروع الإصلاحي؟
يوم خلت الشوارع كلها في البحرين من رجال الأمن وسيطر المحتجون والمتشددون والخارجون عن القانون على كل الطرق ووصلوا إلى المرفأ المالي ثم سمح لهم بتمرير سيارات الإسعاف ثم جرى استخدام الشاحنات الكبيرة لسد الشوارع ماذا كان يدور حينذاك بين الطرفين، الدولة وقادة الخارجين عن القانون؟
لماذا لم يجد المواطن أينما ذهب خلال الأيام القليلة التي تلت 14 فبراير شرطيا واحدا بالعاصمة، خصوصا بالشوارع الرئيسة ومنها الكوبري المطل على الدوار المشئوم الذكر، بل ما كان موجوداً حينذاك أشخاص تابعون للتنظيمات غير الشرعية ينظمون السير ويسمحون لمن يسمحون له ويمنعون من لا يدخل مزاجهم؟
لماذا غادر المكان حتى رجال المرور؟ وهل كان ذلك عمداً أم صدفة؟
اليوم وبسبب من يدعون الديمقراطية ويناضلون من أجل الديمقراطية دفعوا أغلب سكان البحرين إن لم يكن جميعهم للكفر بالديمقراطية بسبب الصورة التي قدموها للشعب البحريني عن الديمقراطية وأظن أن أميركا هي الأخرى مسؤولة عن الكفر بالديمقراطية لأن نصف سكان البحرين رأوا في موقف أميركا ودعمها لمن داس على الديمقراطية كيف هي الديمقراطية؟ هل الناس تريد الديمقراطية أم تريد السلامة والاستقرار؟ هؤلاء - الديناصورات المنقرضة - للأسف هم من استفادوا من زمن الإصلاح للأسف ولا ننسى حينما حلموا بمنصب رئيس الوزراء فأصبح ذلك الحلم كابوساً لهم.
الناس يريدون الأمن والاستقرار نظراً لما ذاقوا من طعم الطمأنينة التي جاءت على إثر الخوف والفزع وليالي الرعب والقلق على مجمل حياتهم وأطفالهم وأعمالهم وكل ما قاموا ببنائه خلال العقود الماضية التي لم يشهدوا خلالها مثل هذا الحدث الذي جمد الدمع في العيون وشل القلوب وكاد يطيح بكل الصروح التي قامت عليها هذه البلاد منذ تاريخها السحيق، وهذا الموقف نابع من مطلب أساسي تكافح كل الشعوب في العالم من اجل تحقيقه وهو السلام والاستقرار والهدوء الذي يسود المجتمعات، بل هناك من يفضل نعمة السلام والاستقرار على كذبة الديمقراطية بدون سلامة ولا استقرار.
الناس الذين ذاقوا نعمة الأمن والذين كانوا قبل هذه الأحداث يعيشون ويحلمون بالديمقراطية لو سألتهم اليوم حول الديمقراطية والأمن لاختاروا الأمن، فالديمقراطية الدمرة أحيت الديناصورات. هناك سعي للتغيير من دون أن نفهم معنى التغيير وما إذا كان تغييرا للأمام أم تغييرا للخلف وما يحدث اليوم في البحرين وغيرها هو تغيير للخلف وللأسف لأن الديمقراطية بناء وعمل وازدهار ورخاء وليس تفريخ ديناصورات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .