العدد 2355
الجمعة 27 مارس 2015
banner
براءة السيدة العجوز! علي العيناتي
علي العيناتي
نبض العالم
الجمعة 27 مارس 2015

برأت المحكمة العليا الإيطالية في نابولي المدير التنفيذي السابق لليوفنتوس لوشيانو مودجي من جميع التهم المنسوبة له في القضية الشهيرة بتلاعب النتائج والمعروفة بالكالشيوبولي، والتي أسفرت عن حزمة من القرارات الصارمة كان أبرزها سحب لقبي الدوري 2005 و2006 من رصيد اليوفي، وأمرت المحكمة كذلك بإسقاط السيدة العجوز للدرجة الثانية في قضية أثارت جدلاً كبيراً في الأوساط الإيطالية والعالمية على حدٍ سواء.
وكان مودجي متهماً بتورطه برشي الحكام والاتصالات السرية المسجلة مع لجنة الحكام بما يعرف بقضية الشرائح السويسرية، وبالإضافة للعقوبات الصارمة التي ذاق مرارتها كيان اليوفنتوس العظيم، تمت معاقبة مودجي بحرمانه من المشاركة في أي نشاط رياضي مدى الحياة سواءً مع اليوفي أو أي نادٍ آخر.
الصحافة الإيطالية انقسمت بين مؤيد لقرار التبرئة وبين معارض،  فالمعارضون مازالوا يعتقدون أن مودجي متهماً بقضية التحايل الرياضي بوجود الأدلة والبراهين وقرار تبرئته ينافي الواقع والمنطق، بينما يرى المؤيدون أن قضية الكالتشيوبولي من الأساس لم تكن سوى مؤامرة أُحيكت للعبث بتاريخ يوفنتوس وتهشيم صورته حتى لا يعود للواجهة من جديد!
قرار براءة مودجي يصحبه “أوتوماتيكياً” قرار تبرئة يوفنتوس من كل القضايا التي نُسبت له؛ لأن اليوفي عُوقب بسبب التهم الموجهة لمودجي، وبالتالي عندما تتم تبرئة مودجي هذا يعني تبرئة يوفنتوس أيضا، ومن أجل ذلك، أشارت بعض التقارير الواردة من إيطاليا إلى أن إدارة يوفنتوس بقيادة رئيس النادي انييلي ستطلب اجتماعا عاجلاً مع المحكمة العليا في نابولي للمطالبة بمطالبات عدة، أبرزها إرجاع لقبيّ الكالتشيو المسحوبين وكذلك المطالبة بتعويض مادي يصل لأكثر من 400 مليون يورو (نصف مليار دولار) كتعويضات نتيجة سقوط الفريق لدوري الدرجة الثانية “السيريا بي” دون وجه حق كما ترى إدارة الفريق!
مطالبات التعويض الضخمة تبدو منطقية ولا مبالغة فيها بسبب أن وقت ظهور “الكالتشيوبولي” في العام 2006 كان اليوفي يمتلك فريقاً قوياً جداً اعتبره النقاد والمحللون في ذلك الوقت بأن فريق 2006 ربما سيصنف من ضمن أقوى التشكيلات التي مرت على اليوفي في تاريخه، والاتحاد الأوروبي نفسه صنف هذا الفريق كواحد من أقوى 3 فرق في أوروبا والعالم حينها، فمن سيتذكر أسماء لاعبي الفريق وقتها سيدرك حقيقة ما نقول، لذلك التعويضات اعتبرتها إدارة اليوفي ثمناً للتفريط “قسرياً” بهذه الكوكبة من الأسماء التي سنذكرها لاحقاً، والسبب رفض العديد منها اللعب في الدرجة الثانية وكذلك الخسائر المادية جراء حقوق البث وإنهاء “السبونسر” عقد الشراكة نتيجة لذلك.
فاليوفي كان يضم في صفوفه بوفون أفضل حارس في العالم وقتها، وخط دفاع ناري يقوده كانافارو وتورام وزامبروتا، خط الوسط كان مخيفاً للغاية بوجود فييرا وايمرسون اللذين اعتبرا كأفضل ثنائي ارتكاز في العالم وقتها، على يمينهم يلعب الفنان كامورانيزي وعلى شمالهم المبدع بافيل نيدفد، ومن أمامهم القناص تريزيغيه والمهاجم الفذ إبراهيموفيتش والأسطورة ديل بيرو الذي لم يجد مكاناً أساسياً في هذه التشكيلة! وكوكبة النجوم هذه كان يقودها جهاز فني عالي المستوى بقيادة الإيطالي فابيو كابيلو، والسؤال المطروح الآن، هل يحتاج فريق بهذه القوة والأسماء الرنانة التي تمثله لمساعدات الحكام؛ لكي يفوز بالمباريات والبطولات؟! أمر لا يقبله المنطق تماماً!
وبعيداً عن يوفنتوس نفسه، فإن الكالتشيو بولي كانت نقطة التحول في انحدار الكرة الإيطالية ووصولها لأسوأ فتراتها، فمنذ 2007 والكرة الإيطالية تعاني تراجعا كبيرا في مستوى الدوري الذي كان في يومٍ ما الأفضل في العالم بسبب أن هذه الفضائح أثرت سلبياً على سمعة إيطاليا كثيراً وساهمت بإضعاف القدرات المالية للأندية مما أدى للتفريط بالعديد من النجوم الذين كانوا يلعبون في الكالتشيو ويشكلون مصدر قوته، فأصبحت الأندية الإيطالية ضعيفة مقارنة بالفرق الكبيرة في أوروبا ويتضح ذلك جلياً عندما تشارك في البطولات الأوروبية وتودعها من الأدوار الأولية! بالإضافة إلى أن هذا التراجع في مستوى الدوري أثر على مستوى المنتخب نفسه، فالمنتخب الإيطالي خرج من كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا و2014 في البرازيل من الدور الأول وهذا ما يحدث للمرة الأولى في تاريخ “الأزوري” المعروف عنه بأنه أحد المنتخبات الكبرى في العالم، وكذلك تجرعه بخسارة مهينة من المنتخب الإسباني في نهائي اليورو 2012 برباعية نظيفة!
في الختام، أثبت يوفنتوس أنه الفريق الأقوى في إيطاليا رغم كل الظروف التي أحاطت به وكادت من الممكن أن تدمر تاريخه الكبير، فأي فريق في العالم يهبط للدرجة الثانية ويخسر نجوم الفريق سيكون من الصعب عليه العودة وإيجاد نفسه من جديد، لكن اليوفي برهن عكس ذلك وتمكن من العودة لموقعه الطبيعي، بل تمكن من إحراز لقب الدوري لثلاثة مواسم متتالية والرابع أصبح قريباً جداً هذا الموسم، بالإضافة إلى أنه من الممكن أن يصبح أحد المنافسين المهمين على لقب دوري الأبطال هذا الموسم بعد وصوله دور الثمانية في البطولة، وسيكون مرشحاً فوق العادة لتجاوز موناكو الفرنسي، ومن ثم الوصول للمربع الذهبي في أقوى بطولات العالم!
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .