العدد 2935
الخميس 27 أكتوبر 2016
banner
الذهب لا يصدأ أبدًا!! علي العيناتي
علي العيناتي
نبض العالم
الخميس 27 أكتوبر 2016

“جهزوا جنازتي ولكن لم يحضر أحدٌ لها”.. بهذه العبارات المؤلمة رد حارس يوفنتوس والمنتخب الإيطالي الكبير جان لويجي بوفون على جميع المنتقدين بعد الأداء الراقي جدًّا الذي قدمه أمام ليون الفرنسي في الجولة الماضية من دوري أبطال أوروبا، حيث تعرض الحارس الملقب بالعنكبوت لسيل من الانتقادات المبالغ فيها كثيرًا بعد الخطأين اللذين ارتكبهما في مباراة ايطاليا أمام اسبانيا في التصفيات الاوروبية المؤهلة لكأس العالم وفي لقاء فريقه يوفنتوس عندما واجه اودينيزي ضمن مباريات الدوري الايطالي والتي انتهت لمصلحة الاول بشق الانفس.
المنتقدون والمتربصون لهفوات بوفون شنّوا حملة غير منصفة على الإطلاق بحق هذا الحارس العملاق وأطلقوا لأنفسهم العنان بترديد العبارات التي تصر على قرب نهايته بعد هاتين الهفوتين، وذهبوا لأبعد من ذلك عندما طالبوه بالاعتزال فورًا وعدم الانتظار لما بعد بطولة كأس العالم القادمة - الموعد الذي حدد فيه بوفون توقفه الكلي واعتزاله اللعب - وكأن بوفون معصومٌ عن الخطأ أو أنه من عالمٍ آخر غير العالم الذي يأوي البشر!!.
ربما ألتمس لهؤلاء المنتقدين بعض العذر لشنّ هذه الحملة القاسية على بوفون، وذلك لأنهم لم يعتادوا ولم يشاهدوا هذا الحارس العملاق يرتكب قط مثل هذه الأخطاء طوال مسيرته التي امتدت لربع قرن ويزيد، وما إن أخطأ حتى ظهرت الفئران من جحورها بعد أن كانت ساكنة طوال هذه السنين الطويلة!!.
أمام ليون عاد بوفون كما لو كان ببداياته وبأوج عطائه عندما أنقذ فريقه يوفنتوس من خسارة مؤكدة بتصديه لركلة جزاء وإنقاذه لكرتين خطيرتين جدًّا داخل منطقة الجزاء كانت كفيلة بتغيير نتيجة المباراة النهائية، فكان أداؤه مذهلاً للغاية ولا يتماشى منطقيًّا مع حارس يلعب وهو بسن الـ38 عامًا، فما قدمه بوفون أمام ليون وهو بهذا العمر المتقدم سيعجز عن تقديمه حرّاس في قمة مستوياتهم وعطائهم الكروي!!.
بوفون لا يحتاج لمن يبرر له أخطاءه ويقيم مستواه بين الحين والآخر، فما عهدناه إلا حارسًا كبيرًا سطّر التاريخ اسمه بأحرف من ذهب على إنه الحارس الأفضل عبر كل العصور، بل إنه لا يمكن إدخاله في مقارنات مع أي حارس في تاريخ اللعبة، فيكفيه أن الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” قد منحه جائزة نادرة ربما لن يُسمع بها مجددًا وهي جائزة أفضل حارس في القرن.. هذا بالإضافة إلى أنه قد توجّ للتو بجائزة القدم الذهبية الاستثنائية التي تُمنح للنجوم فوق الـ28 عامًا ليصبح أول حارس مرمى يفوز بهذه الجائزة منذ نشأتها في التسعينيات!!.
في الحقيقة، أجد بعض الصعوبات في كيفية إطراء بوفون بالمستوى الذي يليق به كأفضل حارس في القرن، وأستغرب في ذات الأوان ممن يسعى للانتقاص من قيمته والتقليل من مكانته على أنه الحارس الأفضل حتى في الوقت الحالي، فما يقدمه بوفون مع اليوفي ومع المنتخب الايطالي أقرب ليكون ضربًا من الخيال وبعيدًا عن أرض الواقع قياسًا بعمره المتقدم، وعندما نقول إن ما يقدمه بوفون حاليًّا يعجز عن تقديمه حرّاس آخرون بأوج عطائهم، فإننا نعني ما نقوله حرفيًّا ولا نعني به التهويل والتضخيم في إطراء افضل حارس في القرن!!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .