العدد 2110
الجمعة 25 يوليو 2014
banner
ماذا تبقى من عراق الأمس؟ عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الجمعة 25 يوليو 2014

عراق المجد والشموخ، ماذا تبقى من العراق بعد احتلاله من قبل قوات الاحتلال الغاشمة؟ ماذا فعل العراق لهؤلاء القتلة حتى ينحروه من الوريد إلى الوريد؟ والطامة الكبرى أن كثيرًا من الناس من الشرق والغرب صدقوا خدعة الاحتلال بأن عام 2003م هو عام تحرير العراق وبدء بناء الدولة العراقية.. الدولة الديمقراطية.. دولة حقوق الإنسان الأميركية؛ أي دواء أوقف نزيف العراق منذ ذلك العام الأسود ليومنا هذا؟ وكيف ينفع الدواء ومن جاء به هو الداء؟ عمليات سياسية فاشلة الواحدة تلو الأخرى.. عمليات سياسية بائسة ولدت من رحم دستور دونته أيادي الاحتلال، احتلال أتى بمن كرهتهم بغداد ومختلف المدن العراقية، جاءوا بمعية صناديق الذخيرة التي حملتها أساطيل الاحتلال.
جاء مَن حكم العراق ـ بل تحكم بها ـ مَن يعتقدون أن العراق الذي لفظهم روحًا وجسدًا يتمتع الآن بالسيادة والاستقلال، وساروا في درب الضلال بما أعد لهم من مسرحيات سُميت بالانتخابات، انتخابات محاصصية بشكلها الطائفي والعرقي، فنال لصوص الديمقراطية الذين تسيدوا “المشهد السياسي” ما يشتهون من غنائمها، وبين حينٍ وآخر تظهر وجوه أخرى لكنها تحمل نفس السمات العفنة والأهداف الملطخة بدم العراق وبثروات العراق التي مازالت تسرق كل يوم بيد أولئك الذين جمعوا الثروات ورصيدهم منها يرتفع كل يوم كما هي المجازر التي لا تنتهي منذ ذلك التاريخ الذي دخل فيه أولئك العراق.
ومع الأسف والأسف الشديد أن الناس وكثيرًا من الناس من هنا وهناك يُصدقون ذلك التحرير المزيف والديمقراطية الكاذبة!
ولكن هناك من المؤمنين رجال لم يصل الرماد إلى أعينهم ولم يتعاملوا يومًا مع المحتل الغربي والشرقي، ولم يصطفوا بجانب الساقطين، بل أشعلوا الأرض تحت أقدام الغزاة ومَن خطا خطاهم، فكانت بنادقهم تصيب جنود الاحتلال وأتباعهم في مقتل ومجرح، إيذانًا بطردهم من بلاد الرافدين، فسجلت المقاومة انتصاراتها على صفحات من ذهب لتنهي بذلك أو تعطل كل مشاريع الاحتلال السياسية والديمقراطية ولم تستطع أكبر سفارة في العالم في المنطقة الخضراء أن تنفذ هذه المشاريع فاستبدلتها بمشاريع مُدمرة طائفية وعرقية.
وبجانب ذلك فقد هب الشعب العراقي في الفلوجة وصلاح الدين والحويجة وديالى والموصل وكل مدينة وقضاء عراقي لاقى الويل والعذاب ضد البغي والعدوان يطلب رحيل ما تبقى من قوات الاحتلال، واستشهد في هذه الهبة الوطنية المئات من الشهداء.
 ورفرفت رايات العز والنصر في جميع المدن التي طردت منها الميليشيات، فاستنجد رئيس حكومة الاحتلال بأسياده الأميركيين والغربيين والإيرانيين طالبا الغوث من أجل استمرار عملية (حُكم الشعب الديمقراطي)!
كان العراق بالأمس بلدًا منتجًا زراعيًا وصناعيًا، كان شعاره “لا خير في أمة تستهلك ما لا تنتج”، جيشٌ مقداد قوي، شواغر وظيفية للكثير من أبناء العراق، تعليم تتباهى به العراق عن غيرها الكثير من الأمم، سياسة خارجية يُعتمد عليها في الكثير من المُلمات العربية، كان العراق شعبًا واحدًا بعربه وأكراده، لا تعرف أيهما منهم اليهودي أو المسيحي أو المسلم، لا تستطيع أن تفرق، هكذا كان حال عراق الأمس.
كان العراق بالأمس سيد نفسه واليوم مكبلا بأغلال المحتلين، بالأمس كان يهب ما لديه للآخرين من غير جزاء واليوم تؤخذ ثرواته من سرقة وغصبا. فإلى متى ستبقى يا عراق على هذه الحال؟ إلى متى؟ أجيبوني؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .