العدد 2115
الأربعاء 30 يوليو 2014
banner
سمات الديمقراطية عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الأربعاء 30 يوليو 2014

أكدت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة سميرة رجب أن “المُحاصصة الطائفية” أمرٌ مرفوض بالنسبة للقيادة السياسية. منوهة بأنه “ليس في أجندة القيادة السياسية في البحرين أي فكر مُحاصصي طائفي، ولن تكون هناك محاصصة طائفية”، معتبرة أن “ما أثير مؤخرًا في هذا الشأن “يشوبه الكثير من التضليل”.
فما هي المُحاصصة؟
المُحاصصة مصطلح سياسي ذو مضامين عميقة ويعني مشاركة الجمعيات والأحزاب في العملية السياسية بجانب الدولة، ويكون لها دور حين تشارك في صياغة القرار عن طريق الانتخابات “بدون النظر إلى انتمائها الديني”. ولكن ما نلاحظه في المملكة أن الجمعيات السياسية ليست سياسية بالمفهوم السياسي وإنما هي تنظيمات قومية ـ دينية ذات نشاط طابعه سياسي، وهذا المفهوم أثر على خاصية الانتخابات السياسية وحولها إلى عملية تعداد سكاني لإحصاء المكونات الديموغرافية وذلك بسبب ابتعاد الوطنية عنها بالرغم من شعاراتها وبرامجها السياسية.
ونحن نحترم حق كل جمعية في التمثيل والدفاع عن مشروعها ـ وأيًا كان ـ على أن يحتل هذا الحق المرتبة الثانية في سلم عملية بناء البلاد والدفاع عن سيادتها وأمنها، فهي الحاضن لجميع هذه الجمعيات التي تشتغل تحت قانون الجمعيات السياسية واعترفت به. وبدلاً من ذلك قامت هذه الجمعيات باختلاف أطيافها ومشاربها بالعمل من أجل تعزيز وتحصين أجندتها بعيدًا عن مصلحة الوطن. وعند الشروع بمحاسبتها عن ذلك ادعت أن ذلك يدخل ضمن “حرية الرأي والتعبير”، أي أنها اشتغلت في المحاصصة ذات البُعد الطائفي، وأهملت تصحيح أخطائها وتقويم مسيرتها، ولم ترتق مسيرتها إلى مستوى المهام الوطنية، وبالتالي فقد عجزت في تحقيق ما تبنته من أهداف وطنية وشعارات حاولت إلهاء الجماهير بها أثناء حملاتها الانتخابية. ولم يجن الشعب من ذلك شيئًا سوى بيع السمك وهو في الماء.
هناك مكونات وطنية تستحق شغر مقاعد مجلس النواب، أو في المقاعد الأولى لجمعياتهم السياسية، لكنهم واجهوا خطا أحمر لكونهم خارج معادلة محاصصة هذه الجمعيات التي غيبت مفردة الوطن والمواطن وأبقت على المحاصصة السياسية، من خلال المزايدات وتأزيم الوضع السياسي، ومثل هؤلاء يريدون اقتسام كعكة السلطة السياسية للبلاد، بهذا المفهوم نختزل مفهوم المحاصصة بكلمة “الدمار”.
المحاصصة الطائفية والعرقية هي إحدى أساليب سفارة واشنطن للتدخل في شؤون مملكة البحرين الداخلية وفرض رؤيتها السياسية في الأحداث التي تشهدها بلادنا، وهو أسلوب مرفوض ورؤية سيئة بل هي مُدمرة. وهي رؤية تبنتها بعض الجمعيات التي كانت وليدة مؤتمرات ولقاءات وندوات واجتماعات عقدت خارج مملكة البحرين لتحقيق مبدأ هذه المحاصصة. فهل أصحاب هذا المبدأ يريدون حكومة تولد من رُحم المحاصصة مشوهة وغير متجانسة وغير متناغمة في الأداء الوزاري ولا تتمتع بالكفاءة لأداء المهمات الملقاة على عاتقها؟
إن المحاصصة ليست من سمات الديمقراطية، لأنها تأتي من خلال تأجيج المشاعر من خلال التخندق الديني. فخلال الفصول التشريعية السابقة مارست بعض الجمعيات الدينية أدوارًا تكتلية في مجلس النواب، فكانت كل جمعية - ومن كان يُساندها - تعمل على زيادة مكاسب أجندة جمعيتها.
لذا، فمن منطلق المصلحة الوطنية فإن حكومة المملكة لا تؤمن بالمحاصصة الطائفية لكونها أداة لتمزيق الشعب وتكريسًا للفتنة، كما هو حاصل في “عراق 2003م”، المحاصصة التي قسمت العراق إلى شعوب ودويلات وأقاليم.
فمن يريد بناء البلاد وتنميتها سياسيًا واقتصاديًا عليه أن يُسخر جميع إمكانياته الوطنية لصالح وطنه، وليقدم مصلحة وطنه على مصلحة جمعيته أو طائفته، وأن يكون الولاء الأول والأخير هو للبلاد وأن يكون العمل للمصلحة الوطنية لا للمصلحة الشخصية.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .