العدد 2297
الأربعاء 28 يناير 2015
banner
من محاور البرنامج الحكومي... عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الأربعاء 28 يناير 2015

السيادة الوطنية من أهم خصائص الدولة وسماتها ومن مقوماتها، وتعتبر من أسس التنظيم الدولي التي تنظم العلاقات بين الدول وتحدد حقوقها وواجباتها، والاستقلال مظهر من مظاهر السيادة على الصعيد الداخلي والخارجي، ولا يمكن للدولة أن تمارس حقها بالتشريع وفي تطبيق القوانين وإقامة العلاقات مع الدول الأخرى والتمتع بالامتيازات في الدول الأخرى إلا بالسيادة. كما أن السيادة تكفل للدولة السلامة الإقليمية وتوجب عدم تدخل أية دولة أخرى في شؤونها. وأن التدخل في شؤونها من قبل الدول الأخرى يُعتبر انتهاكا لسيادتها، وتشير السيادة الوطنية إلى القوة أو السلطة العليا داخل الدولة ممثلة في الهيئة صانعة القرارات الملزمة لكل المواطنين والمؤسسات داخل حدود الدولة.
وظهرت السيادة الوطنية تاريخيًا في القرنين السادس والسابع عشر كنتيجة لتطور الدولة الحديثة القومية في أوروبا، وذلك بعد تراجع سلطة الكنيسة الكاثوليكية والامبراطورية الرومانية، وتمكنت بعض الدول الأوروبية من السيطرة على أراضيها تحت مسمى “السيادة”. واستخدمت كتابات “جان بودان” و”توماس هوبز” مفهوم السيادة كتبرير للنظم المطلقة. وطرح “روسو” رأيا للسيادة ممثلا في “فكرة الإرادة العامة مما يعني ربط السيادة بالديمقراطية”، وربط “جون أوستن” السيادة بالدستورية. وجميع هذه الأفكار رأت ضرورة تركيز السيادة في هيئة أو كيان معين بما يعني التشارك في السيادة مع ما تقتضيه من توزانات.
ولأهمية مبدأ السيادة الوطنية فقد أدرجته الحكومة البحرينية كبند أول في برنامجها الحكومي (2014م ـ 2018م)، وجاء فيه: “تعزيز الأمن والاستقرار والديمقراطية والعلاقات الخارجية مع مختلف دول العالم”، وهي من الثوابت الأساسية للدولة والمجتمع نص عليها دستور مملكة البحرين وميثاق العمل الوطني.
وبموجب هذا المحور السيادي فإن الحكومة تقوم على حفظ القانون وتطبيق العدالة بما يحقق الاستقرار ويحفظ أمن البلاد والمواطنين والمقيمين والممتلكات العامة والخاصة، وهذا الأمر يتطلب العمل على: تطوير القدرات الدفاعية والأمنية للجهات الأمنية والداخلية والدفاع، التدريب لإعداد وتجهيز القوات الأمنية ورفع كفاءتها الفنية وتحسين قدراتها وزيادة أعداد أفرادها، تعزيز الشراكة المجتمعية، تجفيف منابع الإرهاب ومكافحة كل أنواع التطرف، تطوير الإجراءات الهادفة إلى منع ومكافحة الجريمة المنظمة، مراجعة وتحديث التشريعات ذات الصلة بالسيادة الوطنية، تأمين جميع المنافذ البرية والبحرية، تعزيز الوحدة الوطنية وإشاعة روح التآلف والتسامح في مملكة البحرين، تعزيز دور المناهج التعليمية والمنبر الديني وأجهزة الإعلام، تعزيز دور مراكز الشباب ومؤسسات المجتمع المدني وترسيخ قيم المواطنة لدى الطلبة، مناهضة الطائفية والكراهية بين المواطنين.
إن حكومة مملكة البحرين تدرك أن السيادة الوطنية ليست فقط بحصول الدولة على الاستقلال، ولا هو بالرقعة الجغرافية، بل أيضًا السيادة الوطنية لا تتم إلا ضمن دولة دستورية يحس المواطن فيها بأن بنود الدستور صيغت لأجله أولاً، وأنها تسود على جميع المواطنين ثانيًا. وتؤمن الحكومة بأن السيادة الوطنية لا تتم إلا بتمتع المواطنين بحرياتهم العامة التي نص عليها الدستور، وأن الديمقراطية جزء لا يتجزأ من مفاصل الحياة السياسية. وبعمل المؤسسات الوطنية المهنية والحقوقية والخدماتية بما يُحقق تطلعات وآمال المواطنين وينهض بالبلاد، وبإقرار حقوق الإنسان وحقوق الأقليات العرقية والدينية في الدولة. ولكي تكتمل السيادة الوطنية لابد من تحقيق التنمية الاقتصادية حتى تستفيد البلاد والمواطنين من خيراتها وثرواتها.
علينا أن ندرك أن السيادة الوطنية هي الحصن الحامي للبلاد والمواطنين، وهي أساس لبناء مستقبل أفضل، ترفل البلاد والمواطنين في ظلها بالحرية وتضمن لهم الحياة الكريمة الوافرة من العيش الكريم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية