العدد 2330
الإثنين 02 مارس 2015
banner
التهديدات الإيرانية... ماذا تعني؟ عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الإثنين 02 مارس 2015


مازال النظام الإيراني يعتبر الخليج العربي من ضمن مسؤولياته القومية، ومازال يجري وراء سراب احتلاله والسيطرة على أقطاره العربية، وبين فترة وأخرى نسمع من أركان النظام التهديدات بالسيطرة عليه وغزو أقطار الخليج العربي، وآخر التهديدات هي التي أطلقها القائد العام للحرس الثوري الإيراني الجنرال (محمد جعفري) يوم الأربعاء الفائت بمناسبة إجراء المناورات العسكرية في مياه الخليج العربي التي اختتمت بإطلاق صواريخ كروز وصواريخ باليستية على نموذج حاملة للطائرات الأميركية “بنفس المقاييس”. وهذه التهديدات هي من سلسلة التهديدات التي بدأت مع بداية هذا النظام في عام 1979م والتي بدأها بغزو العراق وبحربٍ دامت ثماني سنوات راح ضحيتها آلاف العراقيين والإيرانيين من قتلى وجرحى. وهذه التهديدات تتجدد ويرتفع مؤشرها كلما اشتدت الأزمات السياسية والاقتصادية في المنطقة العربية أو إذا تعرضت إيران لضغوط دولية لا سيما بشأن ملفها النووي.
وفي تصريحه قال جعفري إن “بلاده بلغت قوة فريدة، لا تريدها أن تدخلها حيز التجربة العملية”، ومهددًا “بسيطرة القوة البحرية الإيرانية على الخليج العربي”، وتحدث عن حرص بلاده على مضيق هرمز والخليج مدعيًا أن إيران “لن تسمج بالأعداء بممارسة نفوذهم في المنطقة”! وخاطب أقطار الخليج العربي قائلاً “مما لا شك فيه أن الرسالة التي تبعثها هذه المناورة تعبر عن قدرات الجمهورية الإسلامية، وهي رسالة الأمن والسلام في الخليج ومضيق هرمز، ونحن نوجه هذه الرسالة إلى كل أقطار الخليج، ونحن أثبتنا أخوتنا لكم، ولكن مشكلتنا هي مع أعدائنا من خارج المنطقة”.
ونحن نتساءل... متى أثبت النظام الإيراني أخوته لأقطار الخليج العربي؟ فهل التهديدات المستمرة ومنذ أكثر من ثلاثين سنة هي ثوابت هذه الأخوة؟ أم مطالبة النظام الإيراني بين فترة وأخرى بأرض البحرين هي الأخوة؟ أم رفضه المطلق للانسحاب من الجزر العربية الثلاث هي الأخوة؟ أم دعمه للحوثيين وتدخله في شؤون البحرين السياسية وتوجيه الأوامر لحزب الله في لبنان بالوقوف ضد انتخاب رئيس للبنان هي الأخوة؟ ومَن هم الأعداء؟ هل يقصد الأميركيين والغربيين هم الأعداء؟ إذا كان الأميركيون أعداء لطهران فلماذا تعاونت معهم في غزو أفغانستان والعراق؟ ولماذا تشجع واشنطن طهران على استخدام الملف النووي وفقًا لأحداث المنطقة؟ ولماذا تسكت واشنطن عن النظام الإيراني في تحرشاته ضد أقطار الخليج العربي؟
ليست هناك دولة في العالم تقبل أن تُهدد من قبل أية دولة أخرى، ولا أن تتدخل في شؤونها الوطنية الداخلية مثلما تفعل إيران مع أقطار الخليج العربي، إلا إذا كان هدفها إشعال فتيل الأزمة في المنطقة، وعندما تكرر إيران تلك التهديدات، فهذا الأمر يؤدي لمزيد من التوتر في المنطقة. إن أقطار الخليج العربي المُبتلية بين تارة وأخرى بالتهديدات الإيرانية أقطارٌ مُسالمة، والتهديد بإغلاق هرمز يعني تعريض مصالح الكثير من الدول للضرر.
إن التهديدات الإيرانية المستمرة تعكس ما تعانيه إيران من ضغوط العقوبات وإحساسها بالعزلة وتململ الداخل الإيراني من قيادته المتسلطة عليه وعلى مقدرات إيران الاقتصادية. فإيران المُفلسة دبلوماسيًا وفي أعراف العلاقات الدولية تزداد رعونة كلما حل موعد المفاوضات بينها وبين عواصم الغرب حول ملفها النووي، وترفض أن يُملي عليها الغير إملاءاته، ومن حقها أن ترفض.. ولكن هل من حقها أن تفرض املاءاتها وقراراتها وتهديداتها على الغير؟ فكيف ترفض لذاتها وتريد للآخرين أن يقبلوا بما هي لا تقبله من الغير؟
نحن في أقطارنا الخليجية قوتنا تكمن في اتحادنا العربي الخليجي، وتكمن في تأسيس جيش خليجي قادر على الدفاع عن أرضه، وصد كل التهديدات من إيرانية وأخرى. ونحن أبناء منطقة الخليج العربي نتوجع ونتألم من كل هذه التهديدات، فالتصريحات والمواقف من الأشقاء والأصدقاء المساندة لن تعمل لنا شيئًا، وعواصم الغرب تبحث عن مصالحها أين تكون، فواشنطن وعواصم الغرب تدعي أننا حلفاؤها، ولكن ماذا ستفعل لنا؟ هل ستنصرنا؟
على الدولة الإيرانية أن تنتهج طريق العقل في علاقاتها مع الآخرين بدلاً من توجيه تهديداتها الهوجاء لأقطار الخليج العربي، وأن تتدارك المنحدر الذي تنحدر إليه وتريد أن تجر العالم معها إليه، نتمنى أن تعيد إيران تصحيح نهجها السياسي حتى تتأهل لعضوية سوية في المنظومة العالمية!.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .