العدد 2779
الثلاثاء 24 مايو 2016
banner
معركة الحسم ضد الفرسنة عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الثلاثاء 24 مايو 2016

مازالت معارك الحزم وإعادة الأمل على التراب اليمني مشتعلة بالرغم من رغبة التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية إيقافها لبدء المعركة المدنية في إصلاح ما هدمته المعركة العسكرية، إلا أن الجانب الحوثي وتحالفه الطالح ومن ورائهم النظام الإيراني لا يريدون لهذه المعركة أن تنتهي إلا بتدمير ما تبقى لليمن من حجر وإفناء ما تبقى من البشر. ومع المفاوضات التي يلعب النظام الإيراني في تعثرها وتأخيرها والعمل على عدم رغبة المعتدين في تحقيق النتائج المرضية للشعب اليمني وحكومته الشرعية من هذه المفاوضات التي تقودها وتشرف عليها هيئة الأمم المتحدة، إلا أن التحالف العربي والجانب الأممي راغب في تحقيق السلام وإعادة الأمن والاستقرار لربوع الأرض اليمنية.
وأعلن مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية أن (طهران تدعم المفاوضات السياسية بين الأطراف اليمنية في الكويت للوصول إلى اتفاق سياسي) مُضيفًا (أن السبيل الوحيد لحل أزمة اليمن هو الحوار الوطني وعدم التدخل الخارجي). ونحن نطلب من السيد عبداللهيان التفسير عن حقيقة هذا الموقف الذي يتناقض مع ممارسات النظام الإيراني في دعمه الحوثيين بالسلاح والتدريب وللمفاوضات الجارية في الكويت؟؟  ولا يسعنا إلا أن نقول له هناك فرق في الموقف اللفظي الإيراني تجاه اليمن وحقيقة الواقع المرئي على أرضها. عِلمًا أن وفدًا حوثيًا بمعية الأحزاب المتحالفة معه زار طهران في شهر أبريل 2016م قبل موعد انعقاد المفاوضات، واجتمع مع عبداللهيان وناقش المجتمعون استعداداتهم وتحضيراتهم لجلسات المفاوضات التي عقدت في 18 منه. وماذا يعني استقبال النظام الإيراني لهذا الوفد واجتماعه معهم؟؟ 
إن سفر الوفد الحوثي وحلفائه إلى طهران واجتماعهم مع عبداللهيان يؤكد حقيقة واحدة فقط؛ وهي أن هذه الميليشيات الانقلابية على بلادها ودينها وعلى هويتها وشعبها مازالت تتلقى التعليمات والتوجيهات من النظام الإيراني، وأنها دخلت المفاوضات في الكويت برؤية وتصورات إيرانية، وأنها لم تذهب إلى المفاوضات من أجل تحقيق السلام ووقف القتال بل تفخيخ جلسات المفاوضات وعرقلة التوصل إلى تسوية سياسية تعيد الأمن والسلام والاستقرار إلى اليمن وشعبه. خصوصا أن هذه الميليشيات نفذت تدريبات عسكرية نوعية لمُسلحيها بإشراف مباشر من قبل مدربين إيرانيين ولبنانيين من حزب الله وذلك بمقر (جامعة الإيمان) في شمال صنعاء باليمن التي تحولت إلى ثكنة عسكرية منذ سيطرة الحوثيين عليها في سبتمبر من عام 2014م.
النظام الإيراني الذي بدأ بشرارة المعارك العسكرية بدعمه الحوثيين وحلفائه مارس جهودًا مُضنية وحثيثة سابقة للحيلولة دون انعقاد المفاوضات السياسية بين الحكومة الشرعية والانقلابيين التي رتبتها هيئة الأمم المتحدة وتنعقد هذه الأيام في دولة الكويت برعاية كريمة من أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. وما يتردد من مواقف النظام الإيراني الإيجابية والسلمية من دعم المفاوضات بين اليمنيين خداع وتضليل وخصوصا رفضه القاطع تنفيذ آلية القرار الأممي رقم (2216) الصادر في 14 أبريل 2015م بعد موافقة (14) دولة عليه. عِلمًا أن الوفد الحوثي أعلن موافقته على هذا القرار كأساس للمفاوضات في دولة الكويت إلا أن متحدثًا حوثيًا إيرانيًا (صالح الصماد ــ رئيس المجلس السياسي للحركة الحوثية) أعلن رفضه هذا القرار جملة وتفصيلا، وهذا ما يؤكد مسعى وتحركات النظام الإيراني الهادفة إلى إفشال هذه المفاوضات وفرض شروطه وتدخلاته في المفاوضات بما يُحقق أجندته ومآربه في اليمن وفي منطقة الخليج العربي والأقطار العربية كافة.
لهذا، حانت معركة الحسم ضد الفرسنة الإيرانية لمنطقتنا الخليجية والعربية، إذ الهدف من التدخلات الإيرانية في اليمن ليس اليمن بذاته، بل من أجل التوغل في الجزيرة العربية، وما اليمن إلا بابها، فبالرغم من الزيارات الوفدية بين طهران واليمن وتشكيل لجان مشتركة بينهما في أعوام (2003م و 2004م) إلا أن طهران غير جادة في تقديم أي دعم بنيوي وحقيقي لليمن، وأصبحت وعودها وتوقيعاتها على مجمل اتفاقيات التعاون مجرد أكذوبة ولعبة سياسية، ولم تترتب على تلك الزيارات والاتفاقيات واللجان المشتركة أية نتائج إيجابية لليمن، بل كانت من أجل تحقيق مصالحها وأهدافها وترتيب أعمال لاحقة اتضحت مع الأيام وما يُمارسه الحوثيون وحلفاؤهم في اليمن اليوم، ومنها بعض المشروعات الهامشية الصغيرة والتسهيلات التجارية لشخصيات يمنية متعاطفة مع النظام الإيراني، وهذه المشروعات أصبحت عيونا لإيران في اليمن تراقب كل ما يحدث تحت غطاء تلك المشروعات.
كانت البداية الإيرانية باحتلال الأحواز العربية 1925م، ثم مطالباتها المتكررة والدائمة بأراضي البحرين، وتاليًا احتلالها للجزر العربية الثلاث 1971م، والتلاعب بالقضية الفلسطينية، وتوجهها باحتلال العراق مع واشنطن وتل أبيب، وشيئًا فشيئًا يبحث النظام الاياني عن الفرصة للتوغل في الجزيرة العربية والعبث باستقرار لبنان عن طريق ذراعه حزب الله وبكل الأقطار العربية وتدخلات ميليشياته وجيشه في سوريا. إن التفكير بهذه الصورة الاحتلالية لا يجب السكوت عنها، وتتطلب سياسة ردع جديدة تمثلت بالصحوة العربية التي قادتها السعودية ضد الفلول الحوثية، هذه المعركة القومية أفشلت الكثير من المخططات الإيرانية الهادفة إلى زعزعة المنطقة، وأصبحت سياجًا حاميًا منها. إن معركتنا الحاسمة ضد الفرسنة مستمرة بفضل القيادة العربية السعودية وقادتنا في أقطار الخليج العربي والأقطار العربية الذين شاركوا فيها. وسيكون استعدادنا دائمًا مهيئًا ضد أعدائنا، وستكون سيوفنا موجهة إلى صدورهم وعلى رقابهم. وسنوفي بحقهم قول الله تبارك وتعالى في قرآنه المجيد (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) الأنفال 60.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .