العدد 2231
الأحد 23 نوفمبر 2014
banner
الابتسامة التي خدعت الرئيس نزار جاف
نزار جاف
الأحد 23 نوفمبر 2014

الابتسامة العريضة التي ارتسمت على ملامح الرئيس روحاني وهو يطل على الشعب الإيراني والعالم بعد التوقيع على اتفاق جنيف المرحلي في نوفمبر من العام الماضي، هي نفس تلك الابتسامة التي خرج بها على الشعب الإيراني بعد الاتفاق الذي وقعه مع وفد الترويكا الأوروبي في عام 2004 أيام كان الأمين العام لمجلس الأمن القومي في البلاد وكان بنفسه يقود وفد المفاوضات، حيث تباهى وقتها بأنه نجح في استدراج الأوروبيين والتمويه عليهم بما يخدم المصالح العليا للنظام السياسي في إيران.
هذه الابتسامة التي لا تكاد أن تفارق محيى الرئيس ولا وزير خارجيته ظريف، هي ابتسامة كما يبدو قد راقت للرئيس أوباما وجعلته يثق أكثر بروحاني الذي أطل كرئيس جديد يحمل في جعبته معاول الإصلاح ومهفات الاعتدال، ولئن تصور البعض بأن أوباما لا يمكن أن يذهب بعيدا في انبهاره بتلك الابتسامة، غير ان مبادرته بإجراء مكالمة هاتفية مع روحاني أثناء زيارته لنيويورك والتي أحدثت ردة فعل غير عادية في إيران، وما قيل عن تلك الرسالة التي بعثها الى المرشد الأعلى للنظام الديني، أعطت انطباعا بأنه انبهر أكثر من اللازم بتلك الابتسامة وبنى عليها آمالا استثنائية.
اتفاق جنيف المرحلي الذي لم توقعه طهران من تلقاء نفسها ولا رغبة مؤكدة منها لحسم وحلحلة معضلتها النووية، انما سار وفدها الى هناك كأي وفد بلد مهزوم ينتظر الشروط والإملاءات التي لا يجد من مناص سوى الرضوخ لها، فإيران كانت خلال أواخر عام 2013، تمر بظروف عصيبة جدا وكانت أشبه ما تكون ببركان قد يثور في أية لحظة، وكان حينها يدور الكلام حول مقارنة بين إيران عام 1988، عندما اضطر آية الله الخميني للتوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار التي وصفها في حينها باجتراعه لكأس السم، وبين إيران عام 2013، وخامنئي في وضع يضطره لاجتراع كأس السم النووي، وكانت كل التوقعات في حينها متشائمة أو ضبابية في أحسن الأحوال بالنسبة لمستقبل النظام الديني القائم في إيران.
مفاوضات مسقط التي هرول إليها جون كيري وهو يضع يده على قلبه متأملا إدخال الفرحة والبهجة الى نفس وروح الرئيس المتوجسة قلقا من رهانه الكبير على الابتسامة العريضة لروحاني، ولكن 12 ساعة من المفاوضات توزعت على يومين «وهو وقت طويل وفق الأعراف الدبلوماسية»، لم تتمكن من تحقيق أي تقدم سوى تلك الابتسامات البلهاء التي ما انفك وزير الخارجية الإيراني توزيعها على كيري وآشتون بالتساوي، وكما هو الحال في كل جولات المفاوضات السابقة، فلم يعد أمام المجتمعين سوى التعويل على الجولات القادمة بانتظار تحقيق المعجزة ومنح الأمل لموعد 24 نوفمبر القادم الذي يظهر على محياه منذ الآن معالم الشحوب والذبول ومن الواضح أن مفاوضات فيينا أو الجولة العاشرة والنهائية للمفاوضات النووية التي أعقبت اتفاق جنيف المرحلي، لا توجد هناك بارقة أمل ما تدعو للثقة باحتمال أن تتحقق المعجزة ويتم التوصل للاتفاق النهائي، خصوصا أن وزير الخارجية الإيراني أدلى بتصريح سعى من خلاله لإلقاء اللوم ضمنا على الدول الكبرى في حال عدم التوصل للاتفاق النهائي بما يعني أن العقدة في الدول الكبرى وليس في طهران، وفي هذا الأمر أكثر من عملية مواربة وخداع وتمويه وضحك على الذقون بما فيه ذقن الرئيس أوباما شخصيا!
ما يجب على مجموعة خمسة زائد واحد أن تدركه وتعيه وتستوعبه جيدا، هو أن نوفمبر 2013، هو غير نوفمبر 2014، وان البركان الإيراني الذي هدأ نسبيا بفعل المهدئات المجانية التي منحها الرئيس اوباما عن طيب خاطر لنظيره لقاء ابتسامته العريضة، وفرت أجواء أكثر من مناسبة للمرشد الأعلى كي لا يضطر لتجرع كأس السم النووي، خصوصا أن إيران تواجه صعوبات إقليمية، وأن رهان الرئيس أوباما كما يظهر لا يسير كما كان متوقعا ومنتظرا، ولاسيما ان أسراب الصقور الجمهورية التي هيمنت على الكونغرس ومجلس النواب، لن تدع الرئيس هانئ البال والخاطر وستجعله أمام مأزق لا يحسد عليه، لأن المرجح هو عدم التوصل الى التوقيع على الاتفاق النهائي بحلول 24 نوفمبر، والاعتقاد السائد هو أنه سيكون هناك موعد جديد. إيلاف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .