العدد 2143
الأربعاء 27 أغسطس 2014
banner
حتى لا تتكرر أزمة إقرار الميزانية محمود أحمد النامليتي
محمود أحمد النامليتي
الأربعاء 27 أغسطس 2014

فيما نقول دائما إن تجربتنا الديمقراطية في البحرين بحاجة إلى تطوير دائم، فإننا نؤكد في الوقت ذاته أن مطالب تطوير التجربة الديمقراطية يجب أن تكون واقعية وتدريجية، وخاضعة للتقييم والقياس وإعادة تصويب الأداء باستمرار، خصوصا أن عمر الحياة البرلمانية في البحرين لم يتجاوز 12 عاما، فيما استقرت التجربة البرلمانية في دول مثل بريطانيا وفرنسا مثلا منذ أكثر من 400 عام.
وكانت الديمقراطية المنفلتة في كثير من الأحيان وبالاً على المجتمعات التي دفعت الكثير للوصول إليها، معتقدة أنها الحلم الوردي والجنة المنشودة، لكن صباح الحلم كان قاتما، لذلك كان التطور التدريجي هو الأسلم والأكثر جدوى.
ولا شك أن ممثلي الشعب ونخبته من المثقفين ورجال العلم والاقتصاد وغيرهم هم الأكثر حكمة ودراية بمصلحته، ونتحدث هنا عن النواب البرلمانيين تحديدا.
وفي مملكتنا سنكون مع بداية الفصل التشريعي الجديد على موعد مع تغيير في طبيعة علاقة العمل المشترك بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وذلك مع بدء تطبيق التعديل الدستوري للمادة (46) والتي أعطت الحق للمجلس النيابي المشاركة في وضع برنامج عمل الحكومة لأول مرة في تاريخ البحرين السياسي.
ورغم أن هذه التعديلات تمنح صلاحيات أوسع مطلوبة لمجلس النواب إلا أنها تحمل في طياتها بوادر خلاف محتمل، خصوصا أن أزمة إقرار الميزانية خلال الفصل التشريعي الحالي مازالت ماثلة في الأذهان، عندما دخلنا في جدل كبير طال أمده، هذا الجدل وإن كان أحد أوجه الديمقراطية إلا أنه كلف البحرين كثيرا لناحية تأخر إقرار كثير من المشاريع التي تتضمنها الميزانية.
ثم إن هذه التعديلات توسع من صلاحية النائب لتجعله على تماس مع قضايا خدمية يتضمنها البرنامج الحكومي مثل الإسكان والصحة والتعليم وفرص العمل، وهذا شيء إيجابي ومطلوب، لكن النائب يجب أن ينظر للبرنامج الحكومي من وجهة نظر مصلحة البحرين ككل وليس من وجهة نظر دائرته الانتخابية، وإلا حدث تشابك واشتباك جديد وتداخل في الصلاحيات بين النائبين النيابي والبلدي عن الدائرة ذاتها.
وإذا تجاوزنا روح نصوص الدستور والقوانين، فإننا نؤكد أن النواب الأقوياء قادرون على استثمار صلاحياتهم الدستورية بالطريقة المثلى، وأن تكون مصلحة البحرين وليس مصلحة الكتلة أو الدائرة الانتخابية الضيقة هي البوصلة، كما أنه من المعيب أن يكون النائب متلوننا يتكلم في الجلسة العلنية خلافا لكلامه في الجلسة السرية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .