العدد 2756
الأحد 01 مايو 2016
banner
حين يتقدم جلالة الملك ليقود الدبلوماسية البحرينية منصور حسن بن رجب
منصور حسن بن رجب
الأحد 01 مايو 2016

بين فينة وأخرى، وفي الظروف الدولية والإقليمية والوطنية التي تستدعي ذلك، يتقدم مليكنا المفدى وعاهلنا المحبوب وقائدنا الأعلى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ليقود الدبلوماسية البحرينية من أجل تحقيق اهداف استراتيجية عليا، وغايات وطنية وخليجية وعربية سامية.. وهذا هو المشهد السياسي والدبلوماسي البحريني الاخير المتفاعل منذ نحو أسبوعين أو ثلاثة والذي نتابعه بشغف وإعجاب ويتابعه العالم باهتمام وتقدير..
فمن استقبال وزير الخارجية الأميركي هنا في المنامة، إلى المشاركة في القمة الخليجية غير المسبوقة من حيث برامجها وفعالياتها وما برز فيها من توافق خليجي واضح وأكيد.. إلى لقاءات جلالته خلال القمة الخليجية وعلى هامشها، إلى استقبال المنامة للعاهل المغربي الملك محمد السادس، الى الزيارة الملكية البالغة الاهمية الى جمهورية مصر العربية، وما رافقها من نشاطات ولقاءات غير مسبوقة لجلالته مع مشيخة الازهر ونيافة بابا الكنيسة القبطية..!
والمشهدية المتحصلة من ذلك اننا أمام حراك ملكي رفيع، يقوده عاهلنا المفدى في ظروف هي لا شك تستدعي ذلك وتحتاج اليه ومرحلة تتطلب من البحرين ومن مجلس التعاون الخليجي والأمة العربية جمعاء مواجهة حروب بالوكالة تجري على عدة جبهات، والتصدي لمؤامرات وتفاهمات دولية تحمل في طياتها مصالح استراتيجية كبرى لبعض الدول وقرارات بالإزالة والخراب لدول وشعوب أخرى..!
هنا يمكن لنا ان نسجل إنجازات كبيرة جدا واستراتيجية وهامة ترافقت وترتبت على هذا الحراك الملكي الواسع الطيف والمتعدد الجبهات، فمن التفاهمات التي يمكن وصفها بالجديدة مع الادارة الاميركية، والتي برزت واضحة في كلمة وزير الخارجية الأميركي، وما اوردته الصحف الاميركية ذاتها من تطور واضح في مسار ومحتوى كابينة العلاقات البحرينية الأميركية، الى الاتفاقيات والبروتوكولات التي وقعتها البحرين مع المملكة المغربية ضمن محفظة بروتوكولات خليجية موازية مع المملكة الصديقة، الى حزمة الاتفاقيات المنوعة مع جمهورية مصر العربية، الى لقاءات ومحادثات جلالته هناك مع مشيخة الازهر ورئاسة الكنيسة القبطية وما ترتب عليها من تفاهمات..
ولعل مما يعطي صورة واضحة جدا عن طبيعة هذا الحراك الملكي وغاياته، كلمة جلالته السامية في مشيخة الأزهر، وحديثه حفظه الله عن الاسلام دين الوسطية والاعتدال ورفضه لأي تطرف من اي نوع ولأي إرهاب أو تخريب مهما كانت اهدافه او نوازعه او مضامينه.. لانه يأتي من ضمن خطاب كلي لملك حكيم خاض غمار الحرب ضد الارهاب والتخريب والتدمير على مستوى بلده وعلى مستوى العمل الخليجي الموحد في اليمن.. ونجح في قيادة سفينة الوطن وسط بحر زاخر من المؤامرات والتدخلات الخارجية في فترة هي الأخطر في التاريخ الحديث، ونعني ما يسمى بـ (الربيع العربي) وما ترتب عليه من دمار وتخريب وتفكيك لدول عديدة كان يمكن أن تكون البحرين من ضمنها لولا حكمة جلالته وحنكة القيادة البحرينية والتفاف الشعب حول مليكه وقيادته..
ولأن التحرك الكبير يتطلب متابعة من حجمه ومستواه، فيمكن لنا في هذه المقالة أن نشير بكل التقدير والاحترام إلى الطريقة غير المسبوقة التي أدارت بها وزارة الاعلام اعمال الزيارة الملكية، والتي كنا ندعو الى ما يماثلها دائماً وسبق ان كتبنا في نفس المسار اكثر من مرة مطالبين الجهات المعنية بان تكون الزيارات الملكية منصات اعلامية وسياسية ودبلوماسية وسياحية واقتصادية، وأن تجري للزيارات الملكية الهامة، وكلها هامة في الواقع، متابعات إعلامية موازية، تستفيد منها البحرين سياسياً وسياحياً واقتصادياً وعلى جميع الجبهات..
هذا الأمر شاهدناه بكثير من التقدير والترحيب في الزيارة الملكية التاريخية لجمهورية مصر العربية، ونتمنى ان نشاهده وبنفس المستوى ان لم يكن افضل في زيارات ملكية قادمة.. حيث شاهدنا مصريين يتحدثون عن الملك حمد بن عيسى والبحرين، وشاهدنا رجال أعمال يتحدثون عن استثمارات وترتيبات لبرامج اقتصادية وسياحية مشتركة، وشاهدنا برامج خاصة تبثها قنوات مصرية لم تكن في سابق الايام تفعل ذلك.. كما شاهدنا رجال اعمال بحرينيين يجرون لقاءات وزيارات وتفاهمات مع رجال اعمال وجهات حكومية مصرية، وكان مسك الختام ملكيا وكريما كالعادة من لدن ملك عربي كريم، حين أعلن جلالته عن منحته المباركة بإنشاء 30 مركزا أزهرياً في نواحي جمهورية مصر.. ستكون كلها بالطبع حاملة للقيمة البحرينية والرسالة البحرينية والعطاء البحريني والصداقة البحرينية..!
ومجمل القول ابتداء: إننا في هذا الحراك الملكي الكبير شاهدنا رؤي العين الحرص العميق لجلالته على المساهمة بقسط وافر من العمل العربي والخليجي والدولي من اجل اطفاء حرائق المنطقة، ووقفنا عند محطات سياسية ودبلوماسية متعددة تؤكد احساس جلالته العميق بالمسؤولية الدولية والإنسانية جنبا الى جنب مع مسؤولياته الوطنية والخليجية، كما وقفنا امام الحس الانساني الرفيع الذي يتمتع به جلالته، وإيمانه المطلق بالشراكة العالمية في محاولة إعادة الامن والاستقرار الى مختلف بقاع العالم التي فقدت امنها وعاثت فيها الفتنة والتخريب والدمار والمؤآمرات..
ومجمل القول ختاماً: إن جلالته قد وضع يده على الجرح العميق الذي تتزايد آلامه في الجسدين العربي والعالمي، وهو يتحدث في مشيخة الازهر والكنيسة القبطية مستعرضا التحديات والصعوبات التي تواجه المسلمين والمسيحيين، وخطورة تلك التحديات التي انفجرت عنفاً وصراعاً طائفياً ومذهبياً وعقائدياً بغيضاً يهدد حاضر الأمة ومستقبلها، مؤكداً جلالته - بثقة القائد الذي يستشرف المستقبل - أن تضافر الجهود الدولية والأممية ضمن توافق عالمي على الوسطية والاعتدال كفيل بلجم هذا العنف ووضع حد للصراعات الطائفية والمذهبية الذي أفرز مظاهر من السلوك الغريبة على تقاليدنا وإرثنا الإنساني والحضاري، القائم على مبادئ الاعتدال والتسامح والتعايش والعدالة الانسانية باجلى صورها ومعانيها..
لقد جعلت البحرين من نفسها دولة مركزية ومحورية على مستوى المنطقة والإقليم بمثل هذه التحركات والجهود التي يقودها جلالته مبادراً، فيختصر الزمان ويختزل المسارات ويوجه البوصلة الى حيث يجب ان تتجه وفي الوقت الافضل لذلك.. فبقيادة حمد بن عيسى، ملكا وقائدا وصانعا للمنجزات تتجسد الحكمة والريادة والمسؤولية الوطنية في أعلى مستوياتها.. وبمثل هذه القيادة الحصيفة تسير سفينة البحرين في عباب الاحداث والتطورات آمنة مرخية عنانها لقائد فذ وربان حكيم وملك يحمل مسؤولية أمة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .