العدد 2935
الخميس 27 أكتوبر 2016
banner
دروس وعبر من دول البلطيق زهير توفيقي
زهير توفيقي
الخميس 27 أكتوبر 2016

استعرضت في مقال سابق فوائد السفر وما يتيحه من فرص للاستكشاف والتعرّف على ثقافات الدول الأخرى وحضاراتها. كنت في رحلة شتوية إلى مجموعة من دول البلطيق (لاتفيا وليتوانيا وبولندا) وهي في الواقع دول لا نعرف عنها الكثير ولكنها بالفعل من أجمل الدول التي أُتيحت لي زيارتها في حياتي بل أكثرها عراقة. إنها دول مختلفة في كل شيء، في طبيعتها الساحرة وأسلوب معيشة شعوبها.
تزخر دول البلطيق كما يعرف الجميع بتاريخ عريق، كما عاشت هذه الدول ويلات حروب طاحنة استمرت مشتعلة سنوات، ولكن ما لم أكن أتوقع أن هذه الدول وعلى الرغم من ظروفها الاقتصادية الصعبة جداً، إلا أنها فعلت المستحيل لرفع دخلها القومي حيث عملت بكل جد على وضع جميع الخطط القابلة للتطبيق من أجل تنويع مصادر دخلها الوطني، وكان العمل بكل صمت ودون أيّة بهرجات إعلامية، كما أولت هذه الدول الكثير من الاهتمام لتطوير التعليم الذي يُعتبر ركيزة أساسيّة لأي تطوّر منشود. ومن جانب آخر، سعت هذه الدول كذلك لتوفير فرص العمل لمواطنيها وحرصت على الارتقاء بتقديم الخدمات اللوجستية والسياحية المتميزة، كما عملت على جلب أحدث التقنيات ووفرّت أرقى الخدمات التي تُضاهي تلك الموجودة في أرقى دول العالم. ولفت نظري توافر الخدمات الراقيّة في كل مكان، فلا يحتاج السائح خدمة معينة إلا ويجدها متاحة، كما لاحظت توافر الأمن واستتبابه بشكل لافت، فالجانب الأمني ركيزة أساسيّة من ركائز السياحة.
عندما نعرف بأن دولاً مثل لاتيفا وليتوانيا استقلت عن الاتحاد السوفيتي في 1991م وانضمت إلى الاتحاد الأوروبي في 2004م، سوف ندرك جيداً حجم الجهد المبذول خلال تلك الفترة القصيرة من الزمن، ما بين الاستقلال والانضمام للاتحاد الأوروبي. لقد عمل البلدان المستحيل لتوفير متطلبات الانضمام للاتحاد، وهو الأمر الذي يُعتبر غايّة في الصعوبة نظراً لصرامة القوانين والأنظمة والتشريعات التي يفرضها الاتحاد على الدول الراغبة في الانضمام تحت مظلته.
هناك الكثير من الدروس والعبر التي ينبغي أن نتعلّم منها، خصوصاً أن هذه الدول تمتلك الماضي حيث حضاراتها العريقة والحاضر حيث الرغبة الحقيقيّة في التطوير واللحاق بركب الدول المتحضرة والمتطورة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية