العدد 2815
الأربعاء 29 يونيو 2016
banner
جيش الشاه وجيش الولي الفقيه (2) د. كريم بني سعيد
د. كريم بني سعيد
الأربعاء 29 يونيو 2016

كان الشاه رضا بهلوي يزعم أنه وصل إلى ذروة من القوة بحيث لا يمكن لأحد أن يزيل سلالته إلى الأبد. وكان يتخيل أنه أصبح بإمكانه أن يقف حتى في وجه الذين جاءوا به إلى الحكم. وبعدما بطش في داخل البلاد بجيشه وجنرالاته الأوفياء، راح يناطح مصالح الدول العظمى، وبدأ يتقرب إلى حلف هتلر الزعيم النازي، ناكرا جميل بريطانيا العظمى التي أوصلته إلى السلطة. وفي هذه الأثناء وفي قمة جبروته وغطرسته، سقط فجأة بين عشية وضُحاها وبأوامر من الحكومة البريطانية، وسقط عرشه وتم نفيه إلى أفريقيا الجنوبية في عام 1943، وغابت على الفور كل تلك الجنرالات والجيوش الجرارة.
أما ابنه محمد رضا بهلوي الذي تم اختياره شاها على إيران من بعد والده على يد الحلف الثلاثي المنتصر في الحرب العالمية الثانية، فسلك نفس الطريق في بناء جيش قوي بلا منازع في المنطقة. ومن أجل ذلك، صرف مليارات الدولارات من أجل إعادة تطوير الجيش الذي أسسه أبوه. وساعده الارتفاع المفاجئ لأسعار النفط بعد عام 1973 في ما يهدف إليه، حيث فتحت شهيته لشراء أنواع السلاح بكل المقاييس، إلى درجة أن عشية سقوطه في عام 1979، كان لا يملك أعظم جيش في تاريخ إيران فحسب، وإنما أضخم جيش في المنطقة.
ولكن سرعان ما تهاوت كل هذه الجيوش وذابت بلمحة بصر واحدة في ثورة فبراير 1979، ولم تكن تلك الجيوش حتى قادرة على الدفاع عن نفسها، ناهيك عن وقوفها في وجه الثورة الشعبية التي ابتلعت الشاه وعرشه في صورة أظهرت تكرار تاريخ علاقة الجيش والشاه في تاريخ إيران، الصورة التي عكست حال جيوش بُنيت على العنصرية والتمييز والقمع ضد القوميات غير الفارسية والأقليات الدينية، ومهتمة فقط بولائها لشخص الحاكم بدل الانتماء إلى الوطن والشعب.
بيد أن الولي الفقيه الحاكم حاليا لم يتعلم من دروس الماضي بل يصر على اتباع سيرة أسلافه في بناء جيوش مجردة من الولاء للوطن والشعب، بل أكثر إيغالا في البطش ضد الشعوب في إيران، حيث لم يقتصر قمعه على الداخل وتجاوز إلى الخارج في إطار توسيع آيديولوجيته الطائفية في المنطقة وبث الفتن والحروب في دول الجوار. ويبدو أن مصيره لا يختلف كثيرا عن الجبابرة الذين سبقوه في حكم إيران.
وبحكم التاريخ وطبيعة الحكام الجدد في إيران، لا يمكن اعتبار علي خامنئي أقوى من الشاه عباس الصفوي ولا من نادرشاه الأفشاري ولا حتى رضاشاه البهلوي وابنه وجميع هؤلاء الطغاة بجيوشهم الجرارة سقطوا في لحظة لم تكن في الحسبان.
لكن خامنئي وحرسه أكثر وحشية ممن سبقوهم في قمع الشعوب الإيرانية وكذلك في مجازرهم ضد الشعوب العربية والإسلامية، وهذا ما سيعجل بسقوطهم شر سقطة، لا محالة، حيث علمتنا دروس التاريخ أن المُلك لا يبنى على جيش مهمته فقط الدفاع عن التاج، بعيدا عن الانتماء للوطن والشعب. الشرق الأوسط.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية