العدد 2201
الجمعة 24 أكتوبر 2014
banner
المرأة والبرلمان... تحديات كبيرة محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الجمعة 24 أكتوبر 2014


كان حدثاً ملفتاً أن تقرر خمسٌ وعشرون امرأة بحرينية خوض الانتخابات النيابية والبلدية القادمة. طبعا ليست هي المرة الأولى التي تعلن فيها هذه المجموعة من البحرينيات المشاركة النيابية إذ إنّ البداية كانت في عام 2002م عندما شاركت إحدى وأربعين امرأة في العملية الانتخابية، ثلاثٌ وثلاثون امرأة للنيابيّ وثماني مرشحات للبلدي.
إنّ إقبال مثل هذا العدد مؤشر بالغ الدلالة على ما بلغته المرأة البحرينية من وعي ثقافيّ ومستوى تعليمي رفيع دفعها للتقدم الى المقاعد النيابية ليبرهن على أنّ المرأة كالرجل قادرة على التحدّي وخوض كل المجالات. وظاهرة اقتحام المرأة للانتخابات لا تقل في نظري عن أي حراك مجتمعي آخر لمطالبها بنيل حقوقها الاجتماعية التي بقيت معطلة لعقود طويلة.
المحزن أنّ صورة المرأة المنطبعة في ذهن الرجل هو أنّ اهتمامها عادة لا يتعدى عروض الأزياء أو معارض المجوهرات أو صالونات التجميل ومن النادر جداً أن تشغل الاهتمامات السياسية مدار فكرها. بيد أنّ المرأة البحرينية استطاعت ان تقلب المعادلة فانخرطت في قضايا المجتمع المدنيّ كناشطات وفي العمل الخاص كسيدات أعمال والمذهل هو أنّها حققت نجاحات منقطعة النظير.
من أجل النهوض بمكانتها والتحرر من سطوة وقهر المجتمع فقد أخذت فئة مسؤولية إدماج المرأة في المجتمع وقطع أشواط بعيدة. والحقيقة ما كان للمرأة أن تنجز هذه النقلة الحضارية وتتحرر من أسر الظلم والقهر لولا إصرارها الكبير وإرادتها. وكان انخراطها في المجتمع المدني والعملية الديمقراطية بشكل فاق كل التوقعات.
إنّ التجربة النيابية رغم قصرها أكدّت على ما تتمتع به المرأة من كفاءة وجدارة لهذا الموقع ومازلنا نتذكر مواقف البعض منهنّ ودفاعهنّ المشرف عن العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية. وعلى الصعيد العالمي فإنّ المشاكل الاجتماعية والسياسية التي تواجه العالم لا يمكن حلّها بدون اسهام المرأة فيها اسهاماً كاملاً.
إنّ المقعد البرلمانيّ ليس هو أقصى الطموحات التي تسعى اليها المرأة البحرينية ولا هو الغاية بحدّ ذاتها لكنّ الذي تخطط له منذ أمد طويل هو تحقيق طموحاتها وحقوقها التي بقيت محرومة منها. ليس هناك من هو اقدر من المرأة نفسها على نيل حقوقها وتفادي الوقوع رهينة لتسلط بعض الرجال وكسر حلقة الفقر والعوز التي تئن من وطأته.
إنّ الرهان الكبير أمام الرجل يتمثل في قدرته على اختيار أفضل وأكفأ العناصر لعضوية البرلمان القادم بصرف النظر عن كونه رجلاً أو امرأة وتحديه لما يفرض عليه من وصايا وإملاءات. ويبدو لي أنّ أهم تحدٍ يواجه من يقدر لهنّ الفوز بالمقعد النيابيّ هو العمل بكل طاقاتهنّ على إنجاز الشق الثاني من قانون الأحوال الشخصية المعطل منذ سنوات. والذي تدفع ثمنه الآلاف من النساء المعنفات والمعلقات. ومن المؤسف والمحزن أن يظلّ قانون بهذه الأهمية معطلاً كل هذه السنوات تحت حجج وذرائع واهية. والذي يستعصي على الفهم أنه في كل دورة برلمانية يتم فيها طرح القانون للمناقشة يحال الى اللجان لدراسته والمفاجأة المخيبة للآمال هو ما تسفر عنه المناقشات بأن تتم احالته للمجلس القادم.
إنّ بقاء قانون الأحوال الشخصية معطلا لأمد أطول يعني المزيد من المعاناة والمزيد من الآلام على كاهل المرأة البحرينية. وموقف اللامبالاة سيكرس بقاء الظلم والقهر وينذر بمجتمع مفكك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .