فقدت الأمة العربية والإسلامية بل الإنسانية جمعاء رجلا شجاعاً ورمزا كبيراً وقائدا استثنائياً فذا أسدى لوطنه المملكة العربية السعودية العديد من الإنجازات ولأمته الإسلامية الكثير من المبادرات. لم يتأخر يوما عن دعم قضايا أمته العربية وعن الوقوف الى جانب إخوانه في أصعب الظروف فاستحق بجدارة أن يعرف بأشجع الرجال، لذا ليس مستغرباً أن يوصف بحكيم العرب.
ويمكن القول بكل ثقة إنّ التميز والعمق الذي سارت عليه المملكة العربية السعودية سيتواصل ويتعمق في كل المجالات بعد أن تسلم الامانة العظيمة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الذي عُرف بنهجه في الاعتدال والتسامح وما يتمتع به من حكمة وبعد نظر واستلهام لأسلافه الذين شكلوا على الدوام عنوانا للخير والعطاء. وكما جاء في كلمته للشعب السعودي “سنظل بحول الله وقوته متمسكين بالنهج القويم الذي سارت عليه الدولة منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله وعلى أيدي أبنائه رحمهم الله ولن نحيد عنه”.
كما عرف عن الملك سلمان بن عبدالعزيز دوره السياسيّ البارز في معالجة الملفات الصعبة والشائكة وتضاعف هذا الدور إبّان أزمة الخليج حيث كان مبعوثا خاصا للمغفور له بإذن الله الملك فهد في الكثير من المهمات الخاصة. ولم يكن دوره مقتصرا على ما تولاه من مناصب رسمية في بناء الدولة الحديثة بل تعداه ليكون أحد أركان الحكم في الدولة السعودية، كما كان وجوده رئيسا في المفاوضات مع قادة العالم الذين يزورون العاصمة وعضوا في الوفود الملكية التي تجول العالم.
أدوار متعددة لعبها الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ شبابه حيث لازم من سبقه من ملوك وكان بمثابة المستشار الشخصيّ وأمينا للعائلة. وشغل العديد من المناصب منها أمين سر العائلة المالكة ورئيسا لمجلسها لسنوات عدة. وبويع وليا للعهد بعد وفاة الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله كما شغل منصب وزير الدفاع. لم ينحصر دوره السياسي في ادارة امارة الرياض مدة خمسين عاماً منذ عام 1954م. حيث كان وجوده في العاصمة وقربه من الديوان ممزوجا بمعرفته السياسية، كما كان الأمير الشاب سلمان مجاورا لوالده المغفور له الملك عبدالعزيز في المحافل الدولية وشاهدا لعصر الراحل الملك فيصل مرورا بالملك فهد مما أكسبه الخبرة السياسية الكبيرة.
نهل الملك سلمان من والده ومعلمه الأول عبدالعزيز آل سعود وتجاربه في مجالات الحكم والسياسة والقيادة والادارة اضافة الى ملازمته لكبار المفكرين والعلماء الذين عملوا على تنمية قدراته بالتوجيه والتعليم ايام صغره لذلك فهو حريص على الالتقاء بالعلماء والمفكرين بشكل مستمر.
في كتابه “ملامح إنسانية من سيرة الملك عبدالعزيز” بدأ الأمير سلمان الحديث عن الأساس الذي قامت عليه الدولة السعودية إبان مؤسسها الأول والده المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز آل سعود الذي يعدّ صاحب أول تجربة وحدوية عربية نموذجية ناجحة، يشدد الكتاب على أنّ الدولة السعودية قامت على اساس الكتاب والسنة ولم تقم على أساس اقليمي أو آيديولوجيّ. ولمح الأمير سلمان في الكتاب الى أنه في ذلك الوقت كان هناك البعض ينادي بالوحدة العربية على اساس قوميّ دون تطبيق بينما الملك عبدالعزيز حقق تلك الوحدة عمليا في اغلب اراضي الجزيرة العربية وفي مهبط الوحي معيدا الى الاذهان تلك الوحدة التي حققها نبينا الأكرم محمد بن عبدالله (ص) عندما أسس الدولة الإسلامية الأولى في الجزيرة العربية على منهج الاسلام.