العدد 2904
الإثنين 26 سبتمبر 2016
banner
ماذا بقي من مشروع عبدالناصر؟ محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الإثنين 26 سبتمبر 2016

بعد أكثر من ستة عقود على انطلاق ثورة 23 يوليو فإنه يمكن القول إنها لا تزال حية في ضمير ووجدان الشعب العربي. ترى ما السر الذي جعلها متوهجة حتى اليوم؟ يبدو أنّ المبادئ التي رفعتها الثورة والأحلام وجدت لها صدى في قلوب الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج، بل أشعلت الحماس في نفس كل فرد عربي يتوق إلى الحرية والاستقلال.
هذا العام يصادف مرور سبعين عاما على ميلاد عبدالناصر. ومنذ رحيل هذا الزعيم فإن لحظات حرجة وفارقة مرت على الأمة، ولعل الذي أجمع عليه المؤرخون هو انقلاب الرئيس الراحل أنور السادات عام 1971م على الثورة بما عرف بالثورة المضادة، فأحدثت الحركة زلزالا عنيفا في وجدان الأمة، ولم تكن إلاّ بداية لسلسلة من التراجعات في مسيرة الأمة حتى اليوم. ليس أدل على عظمة عبدالناصر من شهادات الثوار والعظماء كبوزن كاسترو وجيفارا وهوجو شافيز ليعلن هذا الأخير أمام العالم أجمع “أنني ناصري حتى العظم”، ويقول كاسترو وجيفارا إنّ جمال عبدالناصر كان مصدر إلهام لهما في قيام الثورة الكوبية عام 1959م.
مثل عصر الرئيس عبدالناصر العصر الذهبي لمصر والأمة العربية، فأحلام وطموحات الرجل لم تكن حصرا على مصر وحدها بل كانت للأمة العربية، وبالنسبة لمصر فإنّه عاش في خاطر الملايين من أبناء مصر وبالأخص طبقة الفلاحين، فهو رائد النهضة الزراعية ومخلص الفلاحين من العبودية لطبقة الإقطاعيين. كثيرون يتذكرون له إنجازه التاريخي بتمليك الأراضي الزراعية للفلاحين الذين يعملون فيها بنظام السخرة، إضافة إلى إتاحة الفرص أمام أبناء الفقراء للتعلم الذي كان وقفا على المترفين. مجانية التعليم مثلت تحولا تاريخيا، إذ بفضل هذا القرار ارتقت العديد من الأسر الفقيرة إلى الطبقة الوسطى، وبفضل هذا الإنجاز أصبح أبناؤهم أطباء ومهندسين ومدرسين وقضاة.
إنّ دعم عبدالناصر حركات التحرر العربية يعد واحدا من إنجازاته التاريخية. يتذكر الجزائريون مساندته ودعمه الكبير لثورتهم ضد الاستعمار، وهو من دعم ثورة اليمن ضد الحكم الإماميّ الرجعي. إنّ مثل هذه المواقف بالطبع أقلقت الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا فدفعتها إلى حياكة المؤامرات للقضاء عليه. وكانت  نكسة 67م نهاية المشروع القومي الذي أحدث هزة في فكر الأمة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية