24 ساعة تفصلنا عن اللقاء المرتقب بين منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم ونظيره الكوري الشمالي ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2018 وكأس آسيا 2019.
المُباراة مصيرية. مُنتخبنا لا يملك أي رصيد من النقاط، بينما يواجه مُتصدر المجموعة. وهذا الأخير لم يتعرض للخسارة إلا في مباراة واحدة كانت أمام التنين الصيني من بين ثمان مباريات خاضها في العام 2015!
الاستعدادات التي يخوضها الأحمر للقاء الكوري الشمالي مُتواضعة. الفريق لم يخض مُباريات ودية، وغاب عنه في مرحلة الإعداد لاعبون مؤثرون بسبب ارتباطاتهم بأنديتهم، إلا أنه يحاول "بواقعية" أن ينسحب تدريجيًّا حتى يصل مرحلة الجهوزية.
 لكن الأحمر يعيش مرحلة "احتواء"، وربما "اعتكاف". كان بعيدًا عن الإعلام خلال مُعسكره في تركيا، وعندما عاد إلى الوطن تدرب خلف أبواب مُغلقة!
لا أعلم إن كانت هذه السياسة تتناسب مع التجارب السابقة، حيث يُعزل المُنتخب خلال فترة التحضير، ويُفرج عنه بعد ذلك ليقابله صخب مفاجئ وضغوط جماهيرية؟!
ما يحدث الآن من حشد جماهيري، ومُحاضرات نفسية، وحالة تأهب قصوى، يُعيدنا إلى حقبة المُلحق المؤهل لكأس العالم في مُناسبتين، الأولى أمام ترينداد وتوباغو 2005 والثانية أمام نيوزيلندا 2009؛ وكأن التاريخ يعيد نفسه!
في مونديال البرازيل 2014، حرص الفيلسوف الهولندي فان غال على اختيار فندق سيزار بارك المُطل على شواطئ كوباكبانا الشهيرة بمدينة ريو دي جانيرو الصاخبة. تعرض للانتقادات لأنه وضع الفريق في قلب الحياة اليومية ولم يُبعده عن المحيط الصاخب. كانت التوقعات بأن يكون الفريق البرتقالي مشتتًا داخل الملعب، لكنه أثبت العكس.
يبدو أننا لا نتعلم من تجارب الآخرين ولا من التاريخ، وخصوصًا في المُنعطفات المصيرية. والأكيد أننا حتى هذه اللحظة لم نُدرك أن الضغوط الإعلامية والصخب الجماهيري جزء من "اللعبة". لابد وأن يتعايش اللاعب معها ليكسر حاجز الخوف ويتخطى عوامل القلق.
عندما يخوض اللاعب مباراة "عادية" فإن المنافس الوحيد أمامه هو الفريق الخصم، ولكن عندما يخوض مباراة "مصيرية" فإن الخصوم تزداد. الضغوط والإعلام والجماهير، بالإضافة طبعًا إلى الفريق الخصم. لذلك يفترض علينا أن نقلل عدد الخصوم. أن نجعلهم مُحايدين في أسوأ الأحوال إن لم نجعلهم حلفاء!
أخشى على الأحمر، وأتمنى له التوفيق.