العدد 2756
الأحد 01 مايو 2016
banner
التعليم والاغتراب زينب الدرازي
زينب الدرازي
الأحد 01 مايو 2016



لا نقصد هنا بالاغتراب المعنى الفلسفي للاغتراب، إنما قصدنا استيضاح حالة إنسانية يتعرض لها المتعلم خلال مراحل التعليم المختلفة، منذ الابتدائية حتى الجامعية. والبحرين من اقدم دول الخليج التي حازت على التعليم الرسمي ولكن التعليم في شكله الحالي بدأ منذ السبعينات. انقسم التعليم الى مسارين، مسار حكومي ومسار تمثله المؤسسات الخاصة الربحية، وفي الوقت الذي ظل فيه التعليم الرسمي يحفر في ذات الاتجاه وذات المسار لعقود زمنية طويلة مع محاولات متعددة للتجديد ولكنها لم تحقق النجاح المنشود نتيجة دورانها في نفس الدائرة دون الخروج منها، نرى ان التعليم الخاص بدأ كمدارس دينية مثل القلب المقدس وسانت كريستوفر. كما بدأ ظهور الحضانات ورياض الاطفال التي تطورت مع الوقت تلبية لحاجة الناس، كما ظهرت مدارس متخصصة في بعض اللغات الأجنبية جنبا الى جنب مع ظهور المدارس المتخصصة للتعليم باللغات غير العربية مثل الانجليزية والباكستانية والفرنسية. واليوم نرى التسابق بين المدارس الإنجليزية والفرنسية وتحاول اللغة الالمانية ايجاد مساحة لها في هذا السباق. لقد شكلت اللغة الانجليزية الهاجس الدائم لأولياء الأمور في بلد ترى ان اللغة الأم ليست هي اللغة المطلوبة للنجاح في العمل. وبدأ الناس يبحثون عن مكان لأبنائهم في المدارس الدينية الاجنبية التي سرعان ما اكتظت بهم فبدأت تعطي الافضلية للأجانب على اصحاب البلد، بحكم ان اهل البلد يتمتعون بالتعليم الحكومي، مما اعطى دفعة لنجاح المدارس الخاصة المحلية. ونجاح هذه المدارس مع الارتفاع في الدخل نتيجة لارتفاع اسعار النفط وتغير الحياة الاجتماعية وبروز الطبقات المتنعمة في المجتمع متحلقة حول اللغة الانجليزية وأصبحت المفضلة على مستوى العمل على اساس ان هذه المدارس افضل في مخرجات التعليم من المدارس الحكومية من ناحية مطابقتها مع متطلبات سوق العمل. رغم أننا نفتقد الى اليوم مقياسا علميا يحدد ان هذه المخرجات هي الافضل فعلا. كما اعطى تعلم اللغة وجاهة اجتماعية، إلا ان العمل وما يشكله من اهمية للعديد من الاسر جعل فكرة ان اللغة هي الحل لعمل افضل هي الفكرة المسيطرة فانتشرت العديد من المدارس الاقل تكلفة بحيث استطاعت حتى الاسر ذات الدخل المتوسط تعليم ابنائها في مدارس خاصة. واليوم وفي المستقبل القريب قد تضطر البحرين الى جلب عمالة عربية لحاجتها الى ناطقين باللغة العربية. كما يقال اللغة هي حامية الثقافة والدين. فكيف سيقرأ الجيل القادم القرآن على سبيل المثال وهو لا يقرأ العربية. اذا اردت ان تشعر بالاغتراب اذهب الى اي تجمع للألعاب حيث تجد الاطفال يتحدثون باللغة الاجنبية ويغنون بالأجنبية. وتجد الأم فرحة لان ابنها يتقن لغة الاجانب ولا يعرف لغته الام، لقد شعرت بالحنين عندما سمعت اما تغني بالانجليزي لابنها وتذكرت اغنية المرحوم محمد فوزي “ماما زمانها جايه” وأغنية “ذهب الليل طلع الفجر” علمناها لأبنائنا وتحمل نكهة الثقافة العربية والامتداد الجغرافي. فهل تعود لغتي الجميلة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .