العدد 2378
الأحد 19 أبريل 2015
banner
نــواب يريــدون أن يكـونــوا محققيـــن كالشرطــة! أسامة الماجد
أسامة الماجد
سوالف
الأحد 19 أبريل 2015

يبدو أن بعض النواب لا يعرفون النظام والقوانين المتبعة في الوزارات الحكومية مع أنهم يفترض أن يكونوا مطلعين على كل الأمور، خصوصا أنهم أقسموا على احترام الدستور والقوانين المعمول بها. أحد النواب قفز على كل القوانين ولم يحصل على أية موافقة وأراد ان يدخل مدرسة الحد الابتدائية الإعدادية للبنين ليقابل الطالب الذي تعرض للضرب على يد أحد المعلمين، وعندما تم منعه من دخول المدرسة وهو إجراء طبيعي خرج بتصريح يلوم فيه الوزارة وما إن تلقت بعض وسائل الاتصال الاجتماعي الخبر حتى اصبحت كالأنبوب أو المدفع الذي يطلق القذائف عشوائيا دون تفكير أو مسؤولية.
القرار الذي اتخذته وزارة التربية والتعليم صحيح، فلدور العلم حرمتها ونص المادة 48 من دستور مملكة البحرين فقرة أ يقول “يتولى كل وزير الإشراف على شؤون وزارته ويقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، كما يرسم اتجاهات الوزارة ويشرف على تنفيذها”.
وزارة التربية الجهة التي تتابع هذه القضايا وهي من تشكل لجنة تحقيق وفقا لأحكام قانون الخدمة المدنية وهي التي تضع الجزاء والعقوبة وكل ذلك حسب القوانين التي من واجب الجميع الالتزام بها وتنفيذها. أما مسألة دخول أي فرد مهما كان منصبه إلى المدرسة وعمل تحقيق بشكل منفرد مع الطالب المتضرر والمدرس المعتدي، فهذا عمل خارج عن النظام ولا يتركز على أي قانون وينافي المنطق. فلو كل ولي أمر تعرض ابنه للضرب ذهب ليحقق مع المدرس وربما رفع يده عليه انتقاما لابنه لانقلبت مدارسنا فوضى ولم نعد بحاجة الى إدارة أو حتى وزارة!
الضرب في المدارس ممنوع وهذا شيء مفروغ منه وكل مدرس يعرف ذلك جيدا، ووزارة التربية والتعليم صارمة في هذا الموضوع، وها هي قررت ايقاف المعلم الذي اعتدى على الطالب عشرة ايام والخصم من راتبه بعد ان اعتمد وزير التربية والتعليم الدكتور ماجد بن علي النعيمي قرار اللجنة التي شكلت للتحقيق في القضية حسب ما جاء في بيان الوزارة. وهناك قرارات اشد في حال تكرار المخالفة.
اما ميل بعض النواب الى المغالاة والإخلال بالأنظمة والقوانين ونشر المظاهر غير اللائقة بالعمل البرلماني، فهي مشكلة تنم عن نقص المعلومات وضعف الاداء بصفة عامة. مكان النائب تحت قبة البرلمان، هناك ينتقد ويتكلم ويحاسب مرتكزا على صلاحياته وهي صلاحيات كفلها الدستور. هناك يجابه الوزير المسؤول ويخوض معه غمار المعركة ان كان سيسميها معركة، هناك تحت قبة البرلمان يكون العمل والتصويت وليس في المدارس وغيرها من الجهات الحكومية. لا نشك أبدا في تعاطف النائب مع الطالب، كل البحرين متعاطفة معه، ولكن هناك فرق بين العاطفة وبين احترام واتباع القانون. النائب ليس من اختصاصه ان يكون محققا ويأخذ دور غيره من الجهات المختصة كلجان التحقيق التي تشكل. هناك إجراءات متبعة وأسس ينبغي على النائب ان يكون اول العارفين بها لا ان يخترقها ويتجاوزها. اليوم هذا النائب يريد ان يدخل مدرسة ليتولى التحقيق في قضية ضرب طالب، وغدا يذهب آخر الى مركز الشرطة ليستمع الى اقوال “حرامي”، ثم يقرر نائب ثالث أن يحضر اجتماعات مغلقة لإحدى الشركات، الى ان تتحول المسألة في النهاية الى استعمال المعاول والمجارف والعصي، حيث كل نائب يريد أن يثبت انه الأقوى!
ليدرك بعض النواب اهمية عملهم الحقيقي وأن احراز النصر لا يكون الا في المكان الصحيح وهو تحت قبة البرلمان، في البرلمان لك القدرة الكاملة، اما خارجه فأنت ملزم باتباع القوانين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية