العدد 2153
السبت 06 سبتمبر 2014
banner
تقرير طوعي... يكاد المريب يقول خذوني حمد الهرمي
حمد الهرمي
ستة على ستة
السبت 06 سبتمبر 2014

كنت - بعد عودتي للكتابة - قد قررت أن أكتب بعيدا عن المعترك اليومي لمجريات المشهد السياسي في البحرين، وكنت قد اتخذت قرارا بأن أتجنب إعمال الفكر لتقديم نقد إعلامي لتصرفاتهم، لكن خبر التقرير الطوعي عن حقوق الإنسان الذي أخرج على صدر صفحات الصحف صورة وزير حقوق الإنسان جعلني أنكث بالعهود التي قطعتها بيني وبين نفسي.
بالله عليكم من يفسر للمجتمع الدولي معنى تقرير طوعي للبحرين في هذا الوقت، ولماذا يريد وزير حقوق الإنسان أن يطلع المجتمع الدولي على حجم التطورات التي حققتها مملكة البحرين في هذا المجال حسب تعبيره، ألم يتوقع أن يقول أحدهم «يكاد المريب يقول خذوني»؟ لا نزال لم نتعلم الدرس بعد كل العذاب الذي مرت به البحرين بسبب تلك المنظمات.
الآن عرفت معنى ما قاله لي في لندن أحد رجالات المنظمات الحقوقية في أوروبا حينما سألته عن سبب عدم الاكتراث بالتقارير الرسمية والمصادر الحكومية للمعلومات، قال ببساطة «المنظمات تطلب منكم كوب ماء تقدمون لهم طبقا من «الستيك»، لماذا؟ ما تفعلونه جعل المنظمات تشك وتتعامل مع كل ما يصدر من الأجهزة الرسمية باعتباره دعاية لا يمكن الاعتداد بها»، هل يعي وزير حقوق الإنسان ذلك؟ أمانة لا يريد سوى ان يقول إنه لا تزال للدولة حاجة بوجود وزارة حقوق الإنسان.
هل هذا هو سبب وقوف وزير حقوق الإنسان خلف وزير الخارجية حينما ذكر في تصريحه انه تم اعداد التقرير برئاسة وزير الخارجية، فإذا كان في التقرير كفر فإن ناقل الكفر ليس بكافر؟ هل هذا ما يجب ان نعرفه ونتذكره بعد نتائج هذه المغامرة في منظمة أصلا لا تعتد بالتقارير الرسمية وتنتظر الهفوات لأي وفد رسمي لم ينجز الـ (home work) الخاص بهذه المحافل على اكمل وجه بناء على لغة علمية ورشيقة تتناسب مع لغة العمل الدولي وليس مبادرات من قبيل التزايد أو المبالغة الدعائية التي توحي بأننا “المريب” الذي كتبت الأمثال فيه.
يقول الوزير كمؤشرات صريحة على عدم نجاح سيحوزه الوفد “إنه من أجل إنجاح الملف الحقوقي وإبراز منجزاته والرد على المغالطات والأكاذيب التي تثار حول الوضع الحقوقي في المملكة فإن ذلك يقتضي العمل الشمولي والتكاملي للجهات الحكومية المعنية ومؤسسات المجتمع المدني لتعزيز هذا الملف وتقويته”.
ماذا يريد الوزير ان يقول؟ التقرير الطوعي الذي - حسب تعبيره - سيدحض المغالطات والأكاذيب، قد تم اعداده وانتهينا وهذا الخبر المدجج بالصورة التي تشبه صور الحملات الانتخابية يؤكد ذلك، إذا ما المطلوب من الجهات التي ذكرها الوزير، هل التقرير أعد؟ ام لم يعد ويحتاج الى معاونة من الجهات المذكورة؟ ام انك تقصد “احنا كتبنا في التقرير امور فرجاء لا تفشلونه وتعملون عكس المكتوب”؟
يقول الوزير “حتى يدرك المجتمع الدولي حجم التطور الذي حققته المملكة في هذا المجال” اي المجال الحقوقي، الا يعلم سعادة الوزير ان العالم كله مسلطة عدساته على المنطقة العربية والخليجية والبحرين بصورة خاصة، و(الشمس ما يخشها منخل)، ألا يعلم وزير حقوق الانسان أن المخابرات عبر أحدث التجهيزات ناهيك عن العملاء التابعين لهم ينقلون كل حرف عن كل حركة في المشهد البحريني؟ إذا لماذا لا ننتظر موعد تقريرنا ونقدمه بأسلوب متحضر ومحترف وبالحجم الذي يتحمله الموضوع، بدون ان نبدو بهذه الصورة من الرغبة في عمل دعاية للبحرين في الوقت الذي لا يشك احد ان تجربة البحرين الديمقراطية لا تزال هي اهم تجربة في الخليج والوطن العربي، ما حدث لها انما تداعيات مخطط اكثر اتساعا وأكبر حجما من البحرين ذاتها.
سعادة الوزير دعنا نهدأ قليلا ونضع البحرين اول همنا واهتمامنا وحبنا ونبعدها عن اية رغبة او خطة حزبية لتلميع شخوص تيار اتت عليه الحرائق والتشوهات، انه من العبث بعد كل ما انجزه جلالة الملك في زياراته الدولية والإقليمية من نجاحات في اعادة البحرين الى خارطة العلاقات الدولية الصحية والصحيحة مع الدول والمنظمات، نجعلها مرة اخرى في مرمى سهام المتطرفين في المنظمات المليئة بالمتطرفين والمتكبرين الذين ينظرون لنا باعتبارنا عالما عاشرا وليس ثالثا.
دعنا نعيد بناء سمعة البحرين باعتبارها دولة رصينة رزينة تعلمت من درسها ان التعامل مع المنظمات له طريق خارج طريق التقارير ولقاءات العلاقات العامة، طريق متوسط وطويل الأمد لا يؤمن بأسلوب الترقيع والعلاجات السحرية وعصى موسى وغيرها من أساليب التخدير... للحديث صلة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية