العدد 2208
الجمعة 31 أكتوبر 2014
banner
المشـاركـة أو العـزوف والمقـاطعـة أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الجمعة 31 أكتوبر 2014

هما وجهان – العزوف والمقاطعة - لعملة واحدة ويدفعان إلى نتيجة واحدة في آخر الأمر وهي ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع، وهما في نفس الوقت مناقضان لمبدأ المشاركة، والأمران لهما دوافعهما المختلفة السياسية والاجتماعية ولنتاول كل ذلك في عجالة حتى لا نثقل على القارئ.
المشاركة: هي استخدام لحق دستوري وتعبير عن إرادة وقرار ذاتي، وفي نفس الوقت تجسيد لمبدأ حرية الرأي والاختيار التي يمارسها المواطن، ثم إن المشاركة تمثل رغبة من المشارك في تثبيت أمر ما أو تغيير واقع معين، وسيلته في ذلك تتمثل في إعطاء صوته لمن يعتقد أنه يمكن أن يحقق الهدف الذي دفعه للمشاركة، فلو وجد المواطن أنه يعيش واقعا مريحا ضمن مجتمع واحد متماسك وأن السلطة التشريعية الموجودة كان لها دور حاسم في ذلك الاستقرار والراحة الاجتماعية وأنها تعبر تعبيرا حقيقيا عنه وعن طموحاته فإنه حتما سيعمل على الإبقاء عليها وعلى من فيها ويعطي صوته لنواب يرى أنهم يحققون له ما يريد، ولو أن المواطن الناخب يرى أنه في واد والسلطة التشريعية – مجلس النواب - في واد آخر وأنها لم تحقق له شيئا ولم تعمل على التخفيف عليه في حياته اليومية ولم يكن لها دور وطني واضح ومميز أو أنها تسير في عكس اتجاه الريح الوطني – كما هو حال مجلس النواب الحالي او السابق، في هذه الحالة من الطبيعي أنه سيعمل على تغيير الواقع الذي هو عليه وسيتجه لصناديق الاقتراع ليغير ذلك الواقع ويبعد من كان في تلك السلطة ليحل محلهم من يرى أنهم أقدر على تحقيق ما يريد وأنه لابد أن يكون له دور حاسم في التغيير، في الحالتين ستكون المشاركة هي الوسيلة والأداة التي يستخدمها المواطن الناخب في تحقيق الهدف الذي يريد.
العزوف: وهو الابتعاد عن المشاركة السياسية في نوع من التعبير عن حالة من الإحباط الاجتماعي يعاني منها المواطن الناخب تجاه تلك المجلس النيابي وتعبير عن عدم الاعتراف بما حققه، أو أن ما حققه لا يتناسب وطموحاته وما يعتقد ويرى أن المجلس قد وجد من أجله، أو أنه عمل عكس اتجاه الريح الوطنية وبالتالي عكس رغباته وأمانيه، ووصل به الحال إلى نوع من اليأس من حدوث التغيير، لذلك يفضل عدم المشاركة أو العزوف ليمثل موقفه هذا نوع من التعبير عن رفضه لواقع يعتقد أنه غير قادر على تغييره فآثر العمل السلبي والتنحي بعيدا عن المشاركة وبعيدا عن استخدام حقه الدستوري في المشاركة السياسية والتغيير للأفضل والمساهمة في البناء.
المقاطعة: اما هذا الموقف ونعني به المقاطعة الشاملة فإنها تعبير سياسي يمارسه تنظيم أو تنظيمات سياسية أو تيارات معينة، وليس المواطن، للتعبير عن رفضها للواقع الحالي والقول انها ترفض هذا الواقع أو النظام نفسه، وتريد التغيير من خارج هذه السلطة نفسها وبوسائل أخرى لأنها ترفض الشكل والمضمون اللذين عليهما السلطة التشريعية، وهي نوع من القياس الاجتماعي تريد من خلاله هذه التنظيمات أو التيارات السياسية القول إنها تمثل الأغلبية في الشارع السياسي، وهي تختلف عن فئة العازفين عن المشاركة في قضية الاعتراف بالحدث نفسه، فهي تريد تغيير الأداة نفسها وكيفية تشكيلها من الأساس، لذلك لا تحدث المقاطعة عندما يكون المجتمع مستقرا وخاليا من القلاقل أو متجانسا، فهي لا تكون إلا عندما تكون الأوضاع غير طبيعية، لذلك يمكن ان تكون المقاطعة عندنا بالذات عاملا من عوامل الهدم وليس البناء.
أما صحة أو خطأ تلك المواقف وآثارها فإن لها وقفة أخرى غدا بعون الله... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .