العدد 2295
الإثنين 26 يناير 2015
banner
رحمة الله أوسع مما يظنون أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الإثنين 26 يناير 2015

رحم الله من اختاره إلى جواره وأوسع له فسيح جناته وغفر له، ثم أعان الله من خلفه ويسر له خدمة البشر ممن أوكل إليه خدمتهم، كما قال السلف السابق الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمة الله عليه في إحدى خطبه.
ولكن ما يسيء للبعض أكثر من إساءته لنا أو لغيرنا هي نبرة الشماتة التي اتسمت في أقوال وتصريحات ونظرات البعض بوفاة المغفور له بعون الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز ونعني بهم جماعة الإخوان خصوصا تلك التي تسمم المجتمع المصري يوميا، فهم يطلقون على أنفسهم مسمى “جماعة الإخوان المسلمين” ولكن مواقفهم لا توحي بذلك، فالمسلم لا يشمت ولا يفرح بموت أحد من المسلمين مهما اختلف معه وتباعدت المواقف بينه وبينهم، ولكن الإخوان كما يطلق عليهم خالفوا هذا النهج الإسلامي وساروا على نهج مختلف.
منذ عقود وكما يذكر الجميع خصوصا من عاصر وفاة الزعيم جمال عبدالناصر ورأوا كيف عمت الفرحة تلك الجماعة وعلت الشماتة مواقفهم على وفاته بالرغم من خلافهم السياسي معه ومع مصر بمجموعها في تلك الفترة، ثم رأينا كيف تكشفت الحقائق التي غابت لسنوات طويلة وفهم الشعب المصري قبل غيره حقيقتهم وحقيقة من شمتوا في موته، فقد فهم الجميع أنه كان على حق وكانوا هم على باطل، هذا التاريخ سيظهر الحقيقة مرة أخرى في موقفهم من وفاة الملك عبدالله عليه رحمة الله وكيف أخطأوا وأصاب هو بموقفه منهم في مصر وغيرها.
لقد أثبتوا مرة أخرى عدم قدرتهم على التمييز بين السياسة وغيرها، بينها وبين الدين والإنسانية فخلطوا الحابل بالنابل وساروا على نهج حليفهم بوش حين أعلن “من ليس معي فهو ضدي”، ربما لأنهم لا يعرفون السياسة من الأصل لذلك لم يستطيعوا حكم الجوهرة التي استماتوا من أجلها فخرجوا منها بسرعة لم يصدقوها بالرغم من تحالفاتهم مع أعداء الأمة من الغرب الاستعماري واستماتة هذا الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية في دعمهم خدمة لمصالحها ومصالح ربيبتها في المنطقة.
الموت حق على الجميع ولا يعرف حقيقته أحد غير رب العالمين، وهو آت لمن شمت به، آت لهم كأفراد بعد أن حاصرهم كجماعة، ومع ذلك لم يفهموا الأمر ولم يرتدعوا من الأحداث ولم يحاولوا العمل على ما استجد من أمور وكأنهم يعاندون التاريخ والشعب المصري والعربي قبل أن يعاندوا أنفسهم، ثم إنهم بهذا يشتركون في هذا الموقف الشامت مع جماعات أخرى ممن فرحوا بوفاة الملك عبدالله عليه رحمة الله ممن يرون في الموقف العربي السعودي حجر عثرة في طريق مشروعهم الكبير الذي يعملون عليه منذ سنوات طويلة ونعني الدولة الفارسية ومعها أتباعها المنتشرون في أماكن كثيرة.
الجميع يعرف أن الملك الراحل كان ممن يحملون النفس العروبي في مواقفه وممن عانوا من اجل الموقف كثيرا وهو نفس الموقف الذي تعاديه الجماعة ومعها الدولة الفارسية، وبالرغم من مرضه في الفترة الأخيرة إلا أنه لم يتوان عن توجيه الدعوات الواحدة تلو الأخرى للزعماء العرب من أجل الأمة، بل وجه لهم الكثير من التحذيرات حول ما يحاك لهذه الأمة وأهمية وحدتهم لمواجهة المؤامرات المتتالية عليها مع أن الكثيرين وبسبب جهلهم نسوا الأمة ولم يتذكروا غير كراسيهم، وهو في ظل الظروف التي تعاني منها الأمة فقد ترك من ورائه تركة ثقيلة على خلفه، تركة توحي بحجم المؤامرة على المنطقة في شمال الجزيرة العربية وفي جنوبها وكذلك في شرقها، أعانه الله على كل ذلك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية