العدد 2395
الأربعاء 06 مايو 2015
banner
حرية الإعلام في وطننا العربي أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الأربعاء 06 مايو 2015

الكثير من بلداننا العربية تفاخر بوجود حرية الصحافة والإعلام لديها وقدرة المواطن على التعبير عن رأيه دون قيود أو عوائق، مع أن الحقيقة أننا متخلفون في هذا المجال عن غيرنا من الدول الأخرى، والأدهى من كل ذلك أن تلك الدول التي نقارن أنفسنا بها ونعتقد بتخلفنا عنها هي الأخرى تعاني في هذا المجال ولا تملك حرية صحافة حقيقة والمواطن فيها غير قادر على التعبير عن رأيه بكل حرية، وهذا يعني بلا شك تخلفنا الكبير في هذا المجال بالرغم من تبجحنا باستمرار بوجود هذه الحرية.
ربما نجد في المجالس الخاصة والعامة التي انتشرت عندنا مؤخرا على سبيل المثال أن حرية التعبير متوفرة إلى حد ما ولكنها لا تخرج من هذا المجلس أو ذاك في صورتها العلمية الطبيعية التي بها يمكن قياس هذه الحرية، حيث يتم اجتزاؤها قبل وصولها لمن لم يكن متواجدا ولم يسمعها مباشرة من صاحبها الذي عليه أن يمتلك شجاعة خاصة للتعبير عن رأيه الذي أسلفنا؛ لأن استخدامه لتلك الحرية يمكن أن يكلفه الكثير ويجعله في المستقبل مقيد وبعيد عن استخدام حريته.
هنا نتساءل عن حرية الرأي والتعبير، هل هي خاصة أم عامة، وهل هي مفتوحة أم مغلقة، وهل هي متاحة لمن يريد أم مخصصة لأناس فقط وممنوعة عن غيرهم ولماذا؟ وهل القوانين تحمي تلك الحرية أم أنها تمنعها أو على الأقل تقيدها؟ والأهم من ذلك مقومات تلك الحرية والعوائق التي يمكن أن تحد منها أو تمحوها.
أولا وقبل كل شيء لا نعتقد بوجود حرية رأي مفتوحة في بلداننا، وحين نقول مفتوحة فإننا لا نعني بها الحرية المنفلتة غير المنضبطة بل المفتوحة بالقانون، حتى مع وجود بعض الآراء التي يمكن وصفها بالمعارضة، فهذه الآراء تعمل جميعها تحت سقف محدد سلفا لا يمكنها تجاوزه بأي صورة من الصور، وهو ما يعني وجود حرية خاصة لجهات محددة تعمل في نطاق ومجال محدد لها سلفا ومتوافق عليه ولا يحق لها العمل في نطاق آخر، بمعنى أنه حتى الحرية المنقوصة مكفولة في بلداننا لأفراد هم في الحقيقة تابعين للنظام متحدثين باسمه ولكن في صورة معارضة، لذلك تكون هذه الحرية هي حرية خاصة وليست عامة، فلا يستطيع الجميع ممارستها واستخدامها في التعبير اللازم لتطوير النظام بل هي حكر على أفراد دون آخرين.
هي متاحة لجهات معينة وليس لمن يريد، أي أنها حرية على المقاس ولا تتناسب مع جميع المقاسات، تستخدم لتجميل صورة النظام أمام الآخر الذي يتابع ويرى ما يجري هنا وهناك، لذلك نجد في بلداننا أنه حتى حرية التعبير خاضعة لمبدأ التمييز بين البشر، وهو ما يعني أن هذه الحرية تجلب أمرا سلبيا وليس إيجابيا بسبب نوعية استخدامها، وهو ما يجعل النظام يسير في اتجاه محدد دون تغيير حتى لو كان هذا الاتجاه معاكس لإرادة الشعوب، أي اتجاه سلبي غير قابل للتطوير ومكرس في نفس الوقت لأوضاع غير طبيعية وغير خادمة للشعوب التي تمثل الجهة الحقيقية لعمل النظام، أي نظام.
نحن هنا وحين نتحدث عن الحرية لا نعني بحديثنا وطننا العربي أو الإسلامي فقط، بل نتحدث عن جميع الأنظمة بلا استثناء، الأنظمة شبه الشمولية أو الدكتاتورية أو ما يطلق عليها الديمقراطية أو الرأسمالية، لا فرق بينها في هذا المجال، فكلها واحدة تكون فيها حرية التعبير شبه منعدمة أو في أدنى درجاتها، ولكن كل نظام يقمعها بطريقته وحسب قانونه، وكل ذلك خاضع بالأساس لمقومات تلك الحرية والعناصر المؤثرة فيها والقوانين المحددة لها، وكل ذلك نأمل في تناوله في مقال قادم بعون الله... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية