العدد 2903
الأحد 25 سبتمبر 2016
banner
متى يتوقف النزيف العربي؟ أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الأحد 25 سبتمبر 2016

نزيف الدم العربي يبدو أنه مصر على الاستمرار وعدم التوقف، كلما توقفت جهة بدأت جهة أخرى وكلما سكنت منطقة اشتعلت منطقة أخرى وكأنه كتب علينا ألا نفيق مما نحن عليه من صراع داخلي بين بعضنا وليس مع العدو.
في مثل هذه الأيام ولمن يريد التذكر كانت تجري معارك طاحنة على الأرض العربية في الأردن بين الفصائل الفلسطينية التي تمثل الثورة الفلسطينية المقاتلة للعدو الصهيوني وبين الجيش الأردني الذي قاتل العدو الصهيوني، ولكن لسبب ما دارت بوصلة القوتين لتقاتل كل منهما الأخرى، ويجلس عدونا متفرجا ومتحينا الفرصة لزيادة اللهب والاشتعال.
قبل ذلك بعامين وليس أكثر سجل العمل القتالي المشترك للجيش الأردني والثورة الفلسطينية نصرا كبيرا على العدو في معركة الكرامة الشهيرة التي أبيدت فيها مئات من العناصر الصهيونية على يد القوتين العربيتين في الأردن ولحقت بالقوات الصهيونية هزيمة كبيرة بعد هزيمة الجيوش العربية في يونيو 67، لذلك كان لابد من تفتيت الوحدة بين القوتين وخلق الأرضية المناسبة لاشتعال القتال بينهما.
وربما تكون هذه الحرب بين الجيش الأردني وقوات الثورة الفلسطينية هي أول مسمار وضع في نعش الثورة ليس كوجود وعمل ولكن كفصائل مقاتلة لذلك العدو، فبعدها خفت كثيرا المواجهات التي كانت تحدث بين تلك الفصائل والقوات الصهيونية، وعلى ضوء تلك المعارك كان لابد من إيجاد مكان آخر تكون فيه قوات الثورة، ولم يكن هناك مكان غير الأرض اللبنانية، ولكن الأرض اللبنانية ليست كأرض الأردن وقربها من العدو الصهيوني، لذلك خفت أو هبطت قدرة الثورة الفلسطينية بفصائلها المختلفة عن منازلة العصابات الصهيونية في فلسطين حتى جاء النزوح الكبير من لبنان إلى أراض متفرقة من الوطن العربي الكبير، وبعد ذلك انتهت العمليات الحربية ليحل محلها ما أطلق عليه السلام بين العرب والعدو الصهيوني.
نزيفنا مستمر لا ينقطع، والدماء العربية تهدر في كل مكان تقريبا من هذا الوطن، وهي ثمن رخيص جدا لو كانت في مواجهة العدو وجلبا للحق العربي المغتصب، ليس من الصهيونية فقط، ولكن من كثيرين غيرها، ولكن النزيف  للأسف الشديد داخلي يوهن الجسد وينتزع منه القوة ويجعله غير قادر حتى على الحركة والفعل، ولا يمكن القول إنه نزيف يؤدي إلى الموت كون أمة كأمة العرب المسلمة غير قابلة لذلك، كأمة وليس كأفراد، أمة بيدها ما يجعلها خير الأمم ولكنها مبتلاة بمن يحب الدم ويسعى إليه ويحب الذات ويرفعها أكثر مما تستحق... أليس كذلك؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .