العدد 2904
الإثنين 26 سبتمبر 2016
banner
احترموا عقولنا أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الإثنين 26 سبتمبر 2016

يتلاعبون في نشرات الأخبار والتصريحات الكثيرة بالأرقام، ويظنون أن القارئ والمتابع ينسى ما يسمع بعد حين، ولا يذكر ما قرأه في تصريح أو خبر، فمنذ بدأ الحديث عن تنظيم الدولة الإسلامية - داعش - منذ سنوات قليلة كانت الأخبار تتحدث عن أعداد المقاتلين المنضوين تحت رايته، وحتى الآن لم تزد تلك الأعداد - حسب التصريحات – عن ثلاثين ألفا من المقاتلين، ومع ذلك نرى العجز الدائم عن القضاء على التنظيم من قبل من يقاتله وعلى رأسهم النظام العراقي ومعه الولايات المتحدة الأميركية، وهما الطرفان اللذان أتعبا آذاننا وعيوننا بتلك التصريحات والأعداد.
لن نتحدث عن الإمكانيات التي يمكن أن تكون لدى تنظيم ناشئ كتنظيم الدولة الإسلامية والتي لا تتناسب مع المنطق السليم والعلم الذي من المفترض ألا يخطئ، لأن الحديث عن تلك الإمكانيات يعني بلا شك تكذيب كل تلك التصريحات التي نتحدث عنها، ولكن هناك جهة أخرى لتلك الأكاذيب تكمن في الأرقام المنشورة من قبل مناهضي هذا التنظيم أو من يحاربه عن أعداد المقاتلين فيه.
إذا كان عدد مقاتلي التنظيم لا يزيد عن ثلاثين ألفا ما بين سوريا والعراق، وبهذه الأعداد يستولي التنظيم على تلك المساحة الشاسعة من القطرين العربيين وبصورة شبه دائمة ومطلقة، وهو ليس استيلاء عرضيا في ما يسمى “كر وفر الحروب”، بل يقيم على تلك المساحة ويغير في مقررات التعليم وينشئ الأجهزة المدنية وكل ما يخص الدول من سمات، فهل من المنطق أن يتمكن التنظيم بهذا العدد القليل من المقاتلين من تكوين دولة على تلك المساحات الشاسعة التي يقطنها الملايين من المواطنين العرب؟
لو كان التنظيم يحتل 10 % فقط من الدولتين لكانت الأراضي لديه تزيد عن ستين ألف كيلومتر مربع، أي أن كل كيلومتر واحد يمكن أن يحرسه أقل من مقاتل واحد من مقاتلي التنظيم، ومع ذلك تمكن من البقاء فيه حتى اليوم بالرغم من تحالف أكثر من ستين دولة لمقاتلته، فهل هذا أمر منطقي يمكن أن يقبله العقل؟ وكيف لهذا العدد القليل من البشر وبالإمكانيات البسيطة أن يتمكن من فعل كل ذلك والبقاء مهيمنا على تلك الأراضي وأولئك البشر كل هذه المدة، وتعجز في هذه المدة جيوش ودول كبرى عن طرده ولا نقول القضاء عليه، لأن القضاء عليه أمر صعب على الجميع ويتطلب أمورا أخرى غير الأسلحة والجيوش.
نحن نعي أن ما ينشر من أرقام غير صحيح، وما نقرأه من أخبار غير منطقي، وما يقال من قبل التحالف لا يحمل المصداقية التي يأملها المواطن والمتابع للأحداث، ومع ذلك يصرون عليها في محاولة منهم للضحك علينا وكأننا لا نملك عقولا تفكر وتحلل وتبحث، كفاكم استخفافا بعقولنا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .