اجتهد وزير الخارجية الأميركي كيري أخيرا في محاولته تكوين تحالف بأخذه على عاتقه محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، وأغرب شيء في محاولة كيري هذه عدم الوضوح فيما يطلب فالمهام التي يريدها من الدول التي عرض عليها الانضمام الى التحالف لم تكن محددة ولذلك اعتبر كل واحد ممن عرض عليهم الانضمام الى الحلف انه من الممكن ان يشارك على الطريقة التي هو يختارها او ان المطلوب منه ان يشارك في عمليات جوية على الطريقة الأميركية فقط، ولأجل ذلك كان عنوان التحالف قبل أن ينشأ على ارض الواقع هو الغموض والمراوغة.
معظم الذين اجتمع معهم كيري أثناء جولته كانوا يعلنون الموافقة على الدخول في الحلف دون تحديد المهام المطلوبة من أي منهم، وكل واحد من هؤلاء يعتبر ان المطلوب منه هو التعاون الاستخباري وفي اطار المعلومات وتبادلها ويعتبر ان ارسال القوات على الأرض هي مهمة ستكون مطلوبة من غيره وليس منه هو وان الأمر سيمر من خلال اداء بعض الأدوار التي لا تكلف شيئا على الارض وأن تمرير العاصفة والغضبة الأميركية يحتاج الى دبلوماسية الى ان تبرد حرارة الأزمة الاميركية بالتدريج، وعلى الارجح ان كيري يعلم ان الحلف الذي يبنيه الآن هو حلف “مفركش” تريد الدول الكبرى من خلاله العودة الى المنطقة لإيجاد موطئ قدم هنا او هناك من اجل الاسواق والنفوذ مستقبلا، وتعلن بعض الدول اقليميا عن قبولها الانضمام للحلف لانها لا تستطيع القول انها ليست ضد الارهاب.
ربما تورطت اميركا بإعلان اوباما عقب ذبح الصحافي الاميركي او الاسرائيلي “الله اعلم بجنسيته” أن ذراع اميركا طويلة وأنها ستنال من داعش وأن اميركا ستعاقب الارهابيين سريعا، هذا الاعلان لا يجوز لدولة بحجم اميركا ان تخلد الى النوم بعده وكان عليها ان تعمل شيئا حتى تثبت طول ذراع اوباما، وحيث انها لا تستطيع شن حرب على الارض بعد مستنقع افغانستان والعراق فكان لابد لها من اثبات ان ذراعها طويلة عن طريق اجبار بعض الدول الاقليمية في المنطقة للقيام بالدور الذي اخذه أوباما وعدا على نفسه على ان تكتفي اميركا بالحرب من الجو على تنظيم داعش، وربما كانت الدول اقليميا تتصرف على اساس من معرفتها بالورطة الأميركية وأنها تساعد فقط في انقاذ ماء وجه اوباما ولأجل ذلك كان هذا التحالف من النوع “المفركش”.