العدد 2177
الثلاثاء 30 سبتمبر 2014
banner
الحرب الجديدة على “الإرهاب”... لماذا؟ (1) د.محمد المحاسنه
د.محمد المحاسنه
تحليل إخباري
الثلاثاء 30 سبتمبر 2014

للجواب على هذا السؤال، يجب علينا أن لا نتجاهل وضع العراق بالمجمل الذي استقر بعد الحربين الأولى والثانية 1991، 2003، وهو الوضع الذي أرادته أميركا والغرب بشكل عام، هذا الوضع مما لا شك فيه ان اميركا تريد استمراره وهو المثالي بالنسبة لها وبالتالي فإن أي تغيير على هذا الوضع يعتبر متعارضا مع المصلحة الأميركية فهل كان الوضع الذي اسفر عن وجود “داعش” تغييرا على وضع العراق المثالي بالنسبة لأميركا؟ للجواب على ذلك لابد من عرض الوضع الذي استقر لمصلحة أميركا بعد الحربين المشار اليهما وهو التالي: استقر وضع العراق على يد بريمر بعد احتلال العراق على عراق شبه موحد، الحكم الفعلي فيه لمكون في العراق وهو المكون الموالي لإيران وشبه استقلال في اطار وحدة العراق للأكراد في الشمال، هذا الوضع يجعل العراق موحدا من خليط يمنع الذوبان في الدولة الإيرانية ويمنع العرب من حكم العراق ككل مع ما يتمتع به العراق من موارد لا يراد لها أميركيا وإسرائيليا ان توجه لخدمة القضايا العربية. لذلك يعتبر أي تغيير على هذه المعادلة في العراق اعتداء على المصالح الأميركية الإسرائيلية وبالتالي فإن محاولة داعش تكوين دولة اسلامية في المناطق الشمالية والشرقية من العراق كان تغييرا واعتداء على هذه المصالح.
ومن العجائب التي تصل الى حد المعجزة أن مصلحة إيران كانت هي فيما تريده أميركا للعراق رغم ان اميركا تعتبر وحدة العراق ضد النفوذ الإيراني والسبب في ذلك هو ان ايران تنظر الى الحكم في العراق باعتباره وسيلة لوصل منطقة النفوذ الإيرانية من ايران الى العراق في الجنوب والقفز عن المنطقة السنية باعتبارها مهمشة ليس بيدها حكما وصولا الى العلويين في سوريا ولبنان الى حدود الكيان الصهيوني والبحر الأبيض المتوسط، وهي أي ايران تعتبر ان وضع العراق هذا لمصلحتها لأنه لا يعطي للأكراد دولة مستقلة تماما لأن شمال ايران فيه اكراد لا تريد ان تنتقل اليهم عدوى الاستقلال. ولأجل ذلك فإن خلخلة وضع العراق الذي استقر على ما تريده أميركا اعتبر ايضا إضرارا بالمصالح الإيرانية. هذه هي الاسباب الاستراتيجية البعيدة التي دفعت الى الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية اما الأسباب الأخرى القريبة والصغيرة والتي تعلن اميركا عن انها هي السبب مثل ذبح الصحافي الأميركي فهذه ليست الا الأخطاء التي تنتظرها اميركا أو تدفع اليها لتجعلها هي المبرر المعلن للحرب، لمصلحة من تدار الحرب الآن؟ هذا ما سيكون جواب الحلقة القادمة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية