العدد 2726
الجمعة 01 أبريل 2016
banner
الحركة القومية في عربستان: المكونات والمعوقات (1)
الجمعة 01 أبريل 2016

توجد أقلية غير عربية في إقليم عربستان لها البأس والسلطة والقوة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؛ وتؤثر على مجرى الأمور أكثر من غيرها، فلا يشملها تصنيفي الآتي الذكر وسنسهب في أمرها في مقالات أخرى.
وأرجح هنا توصيف الحركة العربية الفاعلة في الإقليم، بالقومية أكثر من الوطنية، لسبب بسيط، هو ماهية الصراع الدائر بين الشعب العربي الأهوازي من جهة، والقوى المعادية لطموحاته وحقوقه القومية في إيران من جهة أخرى؛ وهو صراع قومي أساسا، بين هوية مهيمنة ومدعومة بالمال والسلاح والسجون، وأخرى مغلوبة على أمرها لا تمتلك، إلا إرادة الحياة وتتطلع الى الحصول على حقوقها الانسانية والقومية. اي اننا يمكن ان نؤكد على الحركة الوطنية في العراق أو مصر او الدول العربية المستقلة الأخرى، لكن أهم ميسم تتسم به حركة شعبنا العربي في اقليم عربستان، هو ميسمها القومي الذي يخوض كفاحا بكل أشكاله السياسية والثقافية والاجتماعية من اجل الوجود العربي المهدد من قبل القومية الفارسية المهيمنة.
وفي قراءتي للقوى السياسية المتواجدة على الساحة العربستانية في الداخل أرى الفئات الفاعلة التالية:
أولا، الشخصيات والمجموعات التابعة أو المرتبطة بالسلطة؛ وقد تكون العلاقة بين هذه الفئة والسلطة، إما علاقة مباشرة مع الأمن السياسي، أو غير مباشرة معه، أي بواسطة جهات اخرى في السلطة السياسية في إيران؛ والحالة الأولى تُعد الأكثر رواجا في دولة امنية كإيران وفي حالة امنية خاصة مفروضة على الاقليم. وتعمل هذه الفئة بحرية نسبية وتم تشغيل عواملها في الدوائر السياسية والثقافية والإعلامية في الأهواز العاصمة والمدن الأخرى في الاقليم، وحصل البعض منها على امتيازات تجارية واقتصادية مربحة. ولا ينحصر نشاط هؤلاء بين المثقفين والنخبة العربية فحسب، بل الشيوخ ورؤساء العشائر والعمال والطلاب وفئات اجتماعية أخرى. واتخذت السلطات الإيرانية، استراتيجية جديدة بعد انتفاضة نيسان 2005 يمكن وصفها باستراتيجية الاحتواء التي تقوم على استقطاب عدد اكبر من القوميين والناشطين وفتح المجال لهم بالنشاط الثقافي والاجتماعي كي تُظهرهم بمظهر قومي ووطني وترفع عنهم الشبهات. ودأبت السلطات الامنية في الجمهورية الاسلامية الإيرانية ومنذ السنوات الاولى من عمرها على تجنيد الشخصيات القومية والنشطاء السياسيين والمثقفين؛ بل وصل الأمر حدا، انهم انتقوا البعض من بين الذين وفدوا من الخارج بعد قيام الثورة، او من الذين كانوا ضمن الوفد الثلاثيني الذي زار طهران في الشهور الأولى بعد قيامها، او عناصر نشطت على الساحة بعد ذلك، ليكونوا عوامل للنظام في شتى المجالات. لكن بعد انتفاضة 2005 اتسع التجنيد وشمل الجيل الصاعد من بعض النشطاء. ولاشك ان هؤلاء الذين باعوا ضمائرهم لم يشكلوا الا القليل من النخبة العربية الأهوازية.
ثانيا، الشخصيات والمجموعات المرتبطة بالأحزاب السياسية الإيرانية؛ الإصلاحية منها والمحافظة. ولا نتحدث عن البعض الأهوازي المؤيد للأحزاب اليسارية والشيوعية المعارضة التي ليس لها أي نشاط علني حاليا قياسا بالتيارات المنضوية تحت خيمة النظام الاسلامي في إيران. اذ ربطت بعض الشخصيات والمجموعات مصيرها بمصير التيارين الإصلاحي والمحافظ بشكل وثيق. وساند التيار المحافظ دوما مرشحين متشددين لا يشعرون بأية صلة بقوميتهم العربية، الا في الاعوام الاخيرة لأسباب مختلفة منها: اولا، خشية هذا التيار والداعمين له في قم وطهران من التطور الاعلامي والسياسي للحركة القومية الاهوازية في الخارج وتأثيرها على الداخل، وثانيا، خشية المؤسسة الدينية والمراجع الشيعية من تسنن فئات من الناشطين العرب في الاقليم، وثالثا، الانتشار الواسع للآيديولوجية القومية الفارسية القائمة على العرق الآري والتاريخ قبل الاسلامي ليس بين المثقفين القوميين والعلمانيين الفرس فحسب، بل بين النخبة الدينية وبعض رجال الدين في الحوزات الدينية. وتتخوف عناصر اهوازية قريبة اساسا من مراجع دينية متشددة كمصباح يزدي وعلي خامنئي، من تصاعد نفوذ التيار القومي الفارسي في إيران. وقامت ببعض النشاطات الثقافية في الأهواز العاصمة للحصول على اصوات الجماهير العربية في انتخابات البرلمان ومجلس الخبراء، غير ان مرشحي هذا التيار فشلوا امام التيار الاصلاحي حتى اللحظة في الانتخابات التشريعية، لكنهم نجحوا في مجلس الخبراء بسبب ضيق الدائرة التنافسية وحذف العديد من المرشحين من قبل مجلس صيانة الدستور. ويستخدم التياران المحافظ والإصلاحي، الريع الحكومي سياسيا في الترشح للانتخابات التشريعية بسبب منع الشخصيات القومية المستقلة واليسارية من الترشح. كما لم يرحم مقص مجلس صيانة الدستور، حتى المرشحين البارزين من التيار الاصلاحي في هذه الانتخابات التي جرت في فبراير 2016.
 ولعب التيار العربي المنتمي للإصلاحيين، دورا مشهودا في الحركة القومية الأهوازية خلال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد خاتمي (1997 – 2005) حيث هيمن على مجلس بلدية الاهواز في دورته الثانية (2002 -2006) وأدخل مرشح عربي قومي الى البرلمان السادس عام 2000، غير انه التزم الصمت ازاء كل ما تعرض له الشعب العربي الاهوازي من قمع، بعد انتفاضة نيسان 2005، ولم يقم بأي نشاط سياسي بل وثقافي حتى العام 2013، حيث تنفس الصعداء بعد وصول حسن روحاني الى سدة الرئاسة في ايران؛ وحصل على هامش من الحرية لينافس في الانتخابات الاخيرة،غريمه المحافظ في الأهواز وسائر مدن الاقليم. التيار الاصلاحي العربي في عربستان في الوقت الراهن، ليس كما كان في عهد خاتمي؛ اذ فقد الكثير من عناصره ومؤيديه، منهم من هاجر ومنهم من انتمى الى المحافظين لأسباب سياسية او مصالح مادية، غير انه يبقى التيار الأبرز بسبب ما قام به من خطوات ايجابية لصالح شعبه في عهد محمد خاتمي، وتحمله من قبل السلطة في الوقت الراهن. ويمكننا ان نعتبر هذا التيار، أنه وريث لمجموعة المركز الثقافي – الإسلامي في الاهواز التي نشطت في اوائل الثورة. إيلاف.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية