العدد 2731
الأربعاء 06 أبريل 2016
banner
إيران والإرهاب الدولي... مسلسل قديم جديد (2)
الأربعاء 06 أبريل 2016

هناك تداخل بين السياسة والقانون في ملف إيران الشائك، فالسلطات الأميركية على يقين ـ منذ سنوات مضت ـ بتورط إيران في نشر الإرهاب الدولي، واللوائح الرسمية الصادرة عن وزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين تشير بوضوح إلى الحرس الثوري الايراني باعتباره داعما أساسيا للإرهاب منذ سنوات طويلة، وتتحدث عن “سياسة إيرانية ممنهجة” في دعم الارهاب. بل إن إحدى لجان الكونجرس الأميركي نشرت في عام 2011 تقريراً يتهم الحرس الثوري الايراني بدعم “القاعدة”، حيث يشير التقرير إلى “علاقة وثيقة” بين قائد “فيلق القدس” الجنرال قاسم سليماني وتنظيم “القاعدة”، وهو ما تناولته تفصيلاً دراسات وأبحاث غربية عدة، حيث كان العراق ساحة للتنسيق والتواصل غير المباشر، وعبر وسطاء، بين سليماني وقيادات “القاعدة”، وورد ذلك كله تفصيلاً في رسائل بن لادن التي عثرت عليها الاستخبارات الأميركية في منزله. وأشار تقرير الكونجرس وقتذاك إلى أن علاقات الحرس الثوري و”القاعدة” تعود إلى 1990.
مسألة علاقة إيران بتنظيم “القاعدة” ليست مفاجأة أبداً للجانب الأميركي، الذي يتابعها بدقة، ويضعها تحت المجهر منذ سنوات مضت، فوزارتا الخارجية والخزانة الأميركيتان اعتمدتا في عام 2012 مكافأة قدرها 12 مليون دولار لمن يساعد في اعتقال قياديي “القاعدة” محسن الفضلي وعادل الحربي، المقيمين في إيران، وقالت الوزارتان إن ايران توفر الدعم اللوجستي والمالي لعناصر “القاعدة” في سوريا، وتجند العناصر الإرهابية عبر الأراضي التركية.
لا يمكن النظر ببراءة إلى كل هذه التعقيدات، ومن السذاجة المفرطة افتراض حسن النوايا التامة أو المطلقة في الأطراف الإقليمية والدولية، فالولايات المتحدة تدرك عمق التأثير الطائفي الإيراني في العراق، وتدرك أيضاً أن وقوع العراق بقبضة إيران كان أحد الأخطاء الاستراتيجية الأميركية، لذلك تبدو واشنطن حذرة في إدارة العلاقة مع طهران، ووقعت معها اتفاقا نوويا يصب بالأخير في سلة مصالح الولايات المتحدة، التي خرجت لتوها من حربي العراق وأفغانستان، وسعت لتفادي صراع عسكري مع إيران.
الأمور واضحة إذاً ولا جديد فيها، فإيران على علاقة وثيقة ومؤكدة بتنظيم “القاعدة”، لكن يبقى الشق السياسي لهذه العلاقة الآثمة وتحريك الشق القانوني والقضائي فيها رهن حسابات استراتيجية معقدة للجانب الأميركي، الذي لم ولن يثق في نوايا إيران خلال المدى المنظور على أقل التقديرات.
صحيح أن حسابات المصالح تطغى على عداوات وأحقاد التاريخ في أحيان كثيرة، ولكن يبقى التورط في الارهاب ودعمه مسألة مقلقة لصانعي القرار سواء في الولايات المتحدة أو غيرها من دول العالم، حيث تنتقل الأطراف المتواطئة مع الارهاب في هذه الحالة من التنافس السياسي المتعارف عليه، وتتجاوز حتى منطقة المؤامرات القذرة والدنيئة للتأثير سلباً في خصومها الاستراتيجيين، وتتعاون مع تنظيمات معادية للحضارة والقيم الانسانية جميعها، وهي أمور يصعب غض الطرف عنها ويصعب تبرير أي صمت حيالها بالمصالح وغيرها؛ لذا فإن نوايا إيران ستبقى موضع شكوك غربية ودولية متجذرة، ولكن ذلك لا يعني الصدام أو الصراع بالضرورة، بل سيفرض غالباً إدارة العلاقة الأميركية مع طهران وفق قواعد وحسابات استراتيجية محسوبة بدقة شديدة.
علاقة إيران بالإرهاب الدولي ليست هينة، ويمكن أن تكون حبل المشنقة الذي يلتف حول رقبة النظام الايراني تدريجياً، ما لم تنصع طهران للإرادة الدولية، وتتعايش اقليمياً وفقاً لقواعد ومعايير الشرعية والقانون الدولي. إيلاف.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .