العدد 2738
الأربعاء 13 أبريل 2016
banner
تحفظات السيداو
الأربعاء 13 أبريل 2016

فشلنا في إدارة ومناقشة قضية مهمة ومصيرية تمس أحكام الشريعة الإسلامية، وطرحناها بشكل مفاجئ دون مقدمات توضح للرأي العام إبعاد  القضية وزواياها المختلفة. الغالبية لم تكن تعرف “السيداو” وأين وصلت مجرياتها؟
والنتيجة كانت لغطا ولبسا، وشجارات بالمجلس النيابي، وانطباعا خاطئا بأن الدولة ورجال الدين والنواب، مستعدون لتقديم تنازلات تمس تطبيق أحكام الشريعة الاسلامية إرضاء لاتفاقية دولية. وذلك ما لا نرضى به جمعياً قيادة وشعباً. اندفع الكثيرون لغيرتهم على الدين، وبسبب قراءتهم المجتزأة وتهويلهم للأمور دون معرفة خلفياتها ودون مراجعة أهل الاختصاص في الشريعة والقانون، لنشر فكرة بأن إعادة صياغة التحفظات تضمنت تقديم تنازلات، وعليه حدث انقسام في الشارع والمجلس النيابي بين رافض ومؤيد، وجاء بيان المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية حول عموم الاتفاقية وليس المرسوم بقانون.
الجلسة النيابية كانت بشأن التصويت على المرسوم بقانون رقم (70) لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (5) لسنة 2002 بالموافقة على الانضمام إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “السيداو”، والذي تضمن
اعادة صياغة تحفظات البحرين على بعض مواد الاتفاقية وليس سحبها.
اطلعت على الاتفاقية، وبالفعل فيها بنود تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وبالتأكيد نحن ضد كل ما يخالف أحكام الشريعة من قوانين واتفاقيات دولية،  وضد تقديم أية تنازلات تمس الأحكام الشرعية صريحة كانت أو مموهة أو ملمعة وبأية صورة.
لن أبدي رأيي بإعادة صياغة التحفظات، حتى أقتنع ويقتنع الآلاف مثلي بأن ما جرى لا يمس أحكام الشريعة، وحيثما وجد تعارض الشريعة مع أي بند في الاتفاقية فإن الشريعة هي الأعلى والأسمى والألزم، فهي خط أحمر لا نقبل تجاوزه أو التهاون به.
وأرى ضرورة توضيح ذلك للرأي العام عبر مختلف الوسائل الإعلامية وأولها التلفزيون بحضور وزير العدل، رئيس مجلس النواب وممثلين عن المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية، وزارة الخارجية، المجلس الأعلى للمرأة وخبير قانوني. لنضع
النقاط على الحروف ونصحح اللبس دون تلميع لجهة أو تمويه للحقائق، فالاتفاقية أساساً جاءت كحاجة وقانون بشري لحفظ كرامة المرأة، نظراً لسوء أوضاعها في بعض الدول.
نحتاج خطابا إعلاميا راقيا موجها للداخل ينفي صراحة وعلى لسان أهل الشريعة والقانون ما تم تداوله بأن المرسوم يسمح بتوريث البنت اسمها لابن السفاح، وجواز الإجهاض وخروج البنت عن طاعة ولي أمرها، ليقتنع ويطمئن.
وخطاب آخر للخارج يدافع عن ديننا من خلال الاتفاقية، ليبرز حقيقة الإسلام وعظمته، وأنه جاء ليُكرم المرأة ويعزها. وهي فرصة لإيصال رسالتنا بأنه لا يوجد دين ولا قانون ولا دستور في العالم أجمع أكرم المرأة وحفظ حقوها كما جاء في القرآن الكريم، وواقع المرأة في البحرين أبلغ شهادة على ذلك.
لابد ان نصحح المفاهيم وننقل الحقيقة بصورة منطقية، والتأكيد بالأدلة والوقائع وعلى لسان أهل الاختصاص بأن تغيير صيغة التحفظ لا تعني سحبها، وأن المرسوم يهدف إلى إعادة صياغة التحفظات على الاتفاقية بما يؤكد التزام البحرين بمبادئ الاتفاقية المتوافقة مع الدستور ولا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. نداء موجه لهيئة الاعلام. نرجو سرعة الاستجابة لنقل هذه الحوارات والحقائق عبر التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي. لا تتركوا القضية معلقة بين التأويل والتهويل والمغالطات، خاطبوا الشارع بلغة الأدلة والبراهين، ودعوه يحكم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .