العدد 2740
الجمعة 15 أبريل 2016
banner
"كيري وما أدراك ما كيري"
الجمعة 15 أبريل 2016

لم تهدأ وكالات الأنباء خلال الأسبوع الماضي عن الحديث عن "جون كيري" وزيرالخارجية الأميركي خلال زيارته المنطقة، وهو الذي اكمل – كما تقول الأنباء –مليون ميل سفرا منذ تسلم حقيبة الخارجية الأميركية قبل أقل من أربع سنوات أيبما يعادل الألف ميل قطعها يوميا وبصورة مستمرة خلال تلك المدة، ولكن قطعه كلتلك المسافات والزخم الإعلامي الذي يصاحب تنقلاته هل أدى إلى نتيجة واضحةللقضايا التي تناقش بها مع كل من التقى بهم غير ما حدث في الملف النوويالإيراني، بالطبع لم نر حتى الآن شيئا، وكأن التعب الذي ناله من كل تلك الأسفار لميؤت نتيجة.لذلك من المهم أن نضع ملاحظتين على زيارته الأخيرة للمملكة التي استمرت عدةأيام في تمهيد – كما يقال - اللقمة التي سيحضرها الرئيس باراك أوباما بعد أيام منالآن، أول تلك الملاحظات هي تناوله جميع القضايا التي تمس المنطقة، من سورياإلى اليمن إلى ليبيا إلى العراق إلى إيران ومحاولاته الدؤوبة التدخل في الشؤونالداخلية لدول الخليج العربي وصولا إلى ما يطلق عليه الإرهاب وتنظيم الدولةالإسلامية التي قالت سابقته "هيلاري كلينتون" إن الرئيس اوباما كان له دور فيقيامه"، ولا ندري كيف، ولكن هذا ما قالته وزيرة الخارجية السابقة والمرشحةالحالية للرئاسة الأميركية.كل تلك الأمور تحدث عنها السيد كيري في مؤتمره الصحافي وقال انه ناقشها معالمسؤولين في المملكة وأصبحت هذه القضايا هي الملحة في نظره ونسي او تناسىالقضية الأهم والتي بسببها تولدت الكثير من التنظيمات المتسمة بالعنف والتييطلق عليها حاليا تنظيمات إرهابية ألا وهي القضية الفلسطينية، أم القضاياالعربية، وتجاهل بذلك ممارسات العدو الصهيوني بحق الشعب العربي الفلسطينيوكأن ذلك أمر عادي ولا يستحق الطرح والمناقشة، ومن يتابع ويعرف الحقيقة يعي أن ما يحدث للشعب الفلسطيني يفوق بكثير ما يحدث او حدث لغيره، وعدم الوصول لحل منطقي لهذه القضية سيظل مصدرا للعنف الذي يسود المنطقة، فالإرهاب الذي يمارسه العدو الصهيوني أكبر من الإرهاب الذي يمارسه غيره، فهو إرهاب دولة بحق شعب اعزل، ثم هو نظام فصل عنصري بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ولكن السيد كيري لا يرى ذلك ويبارك ما يحدث على الأرض الفلسطينية، ويساعده في ذلك كل من يلتقي بهم من القادة الذين يبتعدون عن وضع تلك القضية على رأس القضايا المطروحة. أما الملاحظة الثانية فهي ما تداولته الأخبار وأكدته وزارة الخارجية الأميركية من ان السيد "كيري" اجتمع مع أسماه (المعارضة) البحرينية دون التطرق إلى مكان ذلك اللقاء او ما دار فيه أو كيفية تنظيمه وعقده أو من حضره، وهو أمر نعتقد أن السيد كيري كونه وزيرا لخارجية دولة أجنبية قد تجاوز المنطق والعرف الدبلوماسي حين يجتمع مع افراد لم يدينوا – على أقل تقدير – العنف الذي يحدث في المملكة والذي وصل إلى حد الإرهاب، بل إن بعضهم يباركه ويدافع عنه، ومع ذلك يجتمع بهم السيد كيري الذي يتحدث عن مناهضته العنف والإرهاب، فكيف يستقيم الأمر، وهنا يحق لنا ان نتساءل، هل تسمح الولايات المتحدة الأميركية لأي وزير أجنبي عنها أن يلتقي باي فرد مارس العنف والإرهاب على أراضيها او يدعو له سواء كان من مواطنيها او من غيرهم؟ لا اعتقد بإمكانية حدوث ذلك، ولكنها مع ذلك تبارك لقاء مسؤوليها بمن يمارسه ضد الغير وعلى أرض غير أميركية. لو كان اللقاء قد تم في الولايات المتحدة لقلنا هذا شأنهم وهم احرار على أرضهم، ولكن أن يحدث اللقاء على أرضنا فذلك أمر غير مقبول، خصوصا عندما نتذكر ان الولايات المتحدة باركت ما حدث في المملكة من أعمال العنف وربما لا تزال ترى فيها غير ما يراه الآخرون.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية