كشف المنتدى الشهري الذي نظمته صحيفة “البلاد” حول موضوع الضرائب عن العديد من القضايا الهامة والحساسة التي ترافق هذا الموضوع، حيث إن الضرائب يجب أن لا ينظر لها كمورد مالي إضافي للدولة فحسب، بل سوف تحمل الدولة التزامات كثيرة تجاه دافعي الضرائب أنفسهم.
وكما يحدث في الغرب، فإن دافعي الضرائب سوف يكون لهم الحق في تتبع ومراقبة كيفية صرف أموالهم، وسوف يحاسبون عن أي قصور أو إسراف في هذا الصرف.
وهذا يفرض على الدولة المزيد من الشفافية والمحاسبة في كافة أوجه الإنفاق والصرف ضمن الميزانية.
كما أن الضرائب في جانب أساسي منها تعتبر قناة لتحقيق العدالة في المجتمع، حينما تتفاوت نسبها وتطبيقاتها تبعا لتفاوت الدخل بين المواطنين.
ففي حين يعفى من الضرائب المواطنين الذين تقل رواتبهم أو دخلهم وكذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة التي يقل دخلها عن مستوى حد أدنى معين، فإن نسبة الضرائب سوف تتفاوت تبعا لمستوى الدخل، وبالتالي تكون قناة لإعادة توزيع الدخل في المجتمع.
كذلك من المفاهيم التي ترتبط بالضرائب، كون كافة أنواع الضرائب مثل ضريبة الدخل وضرائب الشركات والضرائب الغير مباشرة وكذلك الرسوم الجمركية التي تفرض على السلع والخدمات سواء ما كان منها محلياً او خارجياً عند استيراده تعتبر أداة من أدوات السياسة المالية، بحيث إن فرض الدولة ضريبة أو رسم معين لتحقيق هدف معين يجب أن يخدم السياسة الاقتصادية للدولة. على سبيل المثال عندما تقوم الدولة بخفض الضريبة لذوي الدخل المنخفض سوف يساعد ذلك على زيادة استهلاكهم أو إنفاقهم الاستهلاكي بنفس القدر الذي تم تخفيضه بينما لو تم رفعها على ذوو الدخل المرتفع فان ذلك لن يؤثر على استهلاكهم المرتفع أصلاً ولكن سوف يؤثر على مدخراتهم مع عدم تغير انفاقهم الاستهلاكي وبقاءه بنفس المستوى.
كذلك ما أوضحه أحد المتحدثين في المنتدى عن استخدام سياسة الإعفاء الضريبي من قبل الدولة عندما يراد استقطاب شركات عالمية للاستثمار في صناعات أو مشاريع أو قطاعات معينة باعتبارها ستكون حافزا كبيرا لها.
ونظرا لتعدد واتساع رقعة تأثيرات الضرائب في المجتمع كانت الندوة مصيبة في التركيز على ضرورة عمل دراسات موسعة وشاملة للآثار الاجتماعية والاقتصادية لفرض الضرائب في البحرين.
فهذه الآثار تتسع لتشمل كافة فئات المجتمع دون استثناء استنادا إلى نوع الضرائب المستهدف تطبيقها.
كذلك تشمل بيئة الأعمال والإنفاق في البحرين وقدرتها تنافسيتها الإقليمية والعالمية.
الأكثر حساسية هو سلسلة تأثيراتها على مستويات الأسعار والتضخم وأسعار الخدمات المقدمة كالإسكان والصحة والتعليم وغيرها من القطاعات التي سوف يطالها تأثيرات فرض الضريبة.
وجانب مهم آخر سلطت عليه الندوة الضوء وهو توقيت فرض الضريبية، حيث إن اختيار التوقيت جدا مهم وحساس، ويرى البعض ممن تحدث في الندوة إن فرض الضرائب في ظل تراجع معدلات النشاط الاقتصادي سوف يكون له تأثير سلبي مضاعف لكونه سوف يحد من الإنفاق الفردي والأعمال من جهة، وكما يعتبر عامل غير مشجع للاستثمار من قبل الشركات من جهة أخرى.