العدد 2747
الجمعة 22 أبريل 2016
banner
الأزمة السورية... تعنت لا معنى له
الجمعة 22 أبريل 2016


كلما اعتقد الشعب العربي السوري أن أزمته في طريقها للحل وأن المفاوضات على وشك البدء، كلما شعر بذلك تأتي الأخبار المحبطة من جنيف وغير جنيف عن توقف كل ذلك والبدء من جديد، وفي كل مرة يكون السبب ليس منطقيا ولا يتناسب والمأساة التي يعيشها الشعب السوري داخل بلده أو خارجه.
في المرة الأخيرة انسحبت المعارضة السورية أو وفدها من المفاوضات قبل أن تبدأ لأسباب لا يعرف الشعب السوري كنهها، وما نشر من أسباب لا يتعدى الخلاف على مستقبل الرئيس السوري الحالي – الذي هو الآخر لا نعرف من أين يستمد شرعيته كون من انتخبه لا يمثل الأغلبية من الشعب الذي تم تهجيره وتشريده في كل مكان، الطرفان يتحكمان حاليا في سير العملية التفاوضية دون تخويل من صاحب الحق بل عن طريق القوة، فالنظام يستمد قوته من الآلة العسكرية التي يملكها والدعم غير المحدود الذي يتلقاه من إيران وروسيا ومعهما الأحزاب الموالية كحزب الله والمليشيات الطائفية العراقية، والمعارضة تستمد قوتها من الدعم الخارجي الذي تحارب به الكثير من الفصائل والتيارات المتعددة على الأرض العربية السورية.
الجسم العربي هو الآخر متذبذب بين هذا وذاك، أطراف تقف مع النظام وأطراف أخرى تقف ضد النظام ولكن للأسف الشديد فإن جميع تلك الأطراف لا تملك الآلية الفاعلة على الأرض السورية كما تملكها روسيا وإيران اللتان تسعيان لتفتيت الجسد السوري بما يخدم مقاصدهما وأهدافهما. أمر يتفقان فيه مع بعض الأطراف الدولية الأخرى التي تعارض النظام السوري.
في هذا الجو العاصف الحاجب للرؤية السليمة يقف شعب سوريا العربي دون بوصلة واضحة تحدد له المسار وترسم له طريق مستقبله، ومعه يقف الشعب العربي حائرا لا يقوى على الفعل ولا يعرف نوعية الدعم الذي يمكن أن يقدمه لهذا الشعب الذي حوله نظامه إلى فئات تستجدي من الآخرين من أجل العيش فقط وليس من أجل المستقبل، مع أن التيارات التي ترفع شعار الدين في المنطقة العربية قدمت الدعم في بداية الأزمة، ولكنه للأسف الشديد كان بمثابة الزيت الذي سكب على النار، بمعنى انها ساهمت في الهاوية التي وصل إليها الشعب بعد أن ساهمت في تقديم المال والسلاح لبعض الفصائل المقاتلة دون وعي بأن هذه الفصائل ستساهم في تحويل سوريا إلى قطعة من نار يعجز الإنسان عن البقاء عليها.
من المسؤول عن كل ذلك؟ هل هي الجامعة العربية والمجلس الوزاري العربي اللذان بادرا بإبعاد سوريا الرسمية عن المشهد السياسي العربي ظنا بأن الأزمة ستنتهي قريبا بزوال هذا النظام ثم تبين أن الوضع ليس كما يعتقدون، فقد بقي النظام وأشعل سوريا بسبب ما تلقاه من دعم على الأرض ومازال يساهم في إحراقها، أم أن المسؤولية تقع على الأطراف التي وقفت مع النظام كإيران وروسيا وهما دولتان تنظران إلى مصالحهما مع النظام أكثر من مصير الشعب العربي السوري، أم أن المسؤولية تقع على الغرب وأجهزته المخابراتية التي أسهمت بكل قوة في تأجيج الأزمة ومنع أي توجه لحلها منذ بدايتها وأعانته أطراف عربية على ذلك، ام أن المسؤول هو العو الصهيوني الذي وجد الأرض المناسبة للعمل من الداخل السوري بالتعاون مع بعض أطراف الأزمة وتقديم الدعم لهم كي تظل سوريا مشتعلة ويلتهي الجميع بما يحدث وينسون الأرض العربية التي يحتلها هذا العدو وعلى رأسها هضبة الجولان المحتلة.
كل أولئك مسؤولون ويتحملون كامل المسؤولية على الحال الذي وصل إليه الشعب السوري والنار التي تشتعل على الأرض السورية، ولكن إذا كانت تلك هي صورة الأزمة والأطراف التي ساهمت في خلقها فما هو الحل؟ ألا يوجد حل منطقي ينهي معاناة الشعب العربي هناك؟ بالطبع هناك حل، وهناك اطراف تستطيع وضع الحل على الأرض.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية