العدد 2752
الأربعاء 27 أبريل 2016
banner
روسيا والنجاح السوري القصير المدى (2)
الأربعاء 27 أبريل 2016

يروي مسؤول أميركي سابق أنّه في اثناء المفاوضات غير المباشرة بين الأسد الأب وإسحق رابين بواسطة وارن كريستوفر، وزير الخارجية الاميركي وقتذاك، اتفق الجانبان على اعادة كلّ الجولان المحتلّ الى سوريا. تضمّنت الصفقة المعروضة ترتيبات امنية وسياسية متفقا عليها تشمل تبادل السفراء. يؤكد هذا المسؤول الاميركي الذي رافق المفاوضات عن كثب ان الأسد اختلق في نهاية المطاف عذرا كي تفشل المفاوضات. كان رأي المسؤول الاميركي ان حافظ الاسد لم يكن يريد شيئا باستثناء بقاء “وديعة رابين” مجرد وديعة تصلح منطلقا للدخول في مساومات سياسية لا نهاية لها. في غضون ذلك، كان الاسد الاب يدفع بوجوه سنّية للتفاوض مع الاسرائيليين على نحو مباشر. وهذا ما حصل مع فاروق الشرع كونه وزيرا للخارجية وحكمت الشهابي رئيس الأركان. كان مهمّا في كلّ الوقت وضع شخصيات سنّية، وليست علويّة، في الواجهة متى يتعلّق الأمر بإسرائيل. كان مهمّا للأسد الاب اظهار العلويين بأنّهم اولئك الذين يرفضون اسرائيل ويوزّعون شهادات في الوطنية في كلّ الاتجاهات... أما بقاء الجولان تحت الاحتلال، فهذا أمر آخر له حسابات مختلفة!
من الواضح أن روسيا اخذت علما بانتهاء صلاحية بوليصة التأمين الاسرائيلية للنظام، بما في ذلك اللعبة التي كان يمارسها مع اسرائيل المتمثلة في ابقاء جنوب لبنان جرحا ينزف، تماما كما تريد اسرائيل التي لم تعترض يوما على الوجود الفلسطيني المسلّح حتّى العام 1982. هناك الآن معطيات جديدة تقوم على تقاسم روسيا وإسرائيل مناطق النفوذ في سوريا مع مراعاة إيران التي تعطي اولوية لبقاء بشّار الأسد في دمشق، وإن بشكل صوري، وذلك لأسباب ذات طابع مذهبي قبل أيّ شيء آخر.
على ماذا ستستقر ترتيبات المرحلة المقبلة في سوريا وكيف يمكن لروسيا تقديم الضمانات المطلوبة إسرائيليا في حال اصرار ايران على متابعة نقل صواريخ من نوع معيّن الى “حزب الله”؟
الى الآن، استطاع الثلاثي الروسي ـ الاسرائيلي ـ الايراني ايجاد صيغة للتعايش بدليل ان اسرائيل تضرب في الداخل السوري متى تجد ذلك مناسبا لها في ظلّ صمت ايراني. ولكن هل صيغة التعايش هذه قابلة للحياة طويلا، خصوصا ان روسيا باتت تعتبر ان بوليصة التأمين الجديدة للنظام هي في التخلي نهائيا عن الجولان وقبوله بمنطقة كردية مستقلة في الشمال؟
هناك عاملان يلعبان ضد استمرار صيغة التعايش هذه طويلا. الأول ان تركيا لا يمكن ان تقبل بكيان كردي في شمال سوريا وتعتبر ذلك تهديدا مباشرا لأمنها.
امّا العامل الثاني فعائد الى ان الشعب السوري لم يقم بثورة حقيقية من اجل عيون روسيا وإسرائيل وإيران وتركيا. لا يزال هذا الشعب، على الرغم من الحال المترهلة للمعارضة، قادرا على قول كلمته. كلمته الأولى والأخيرة ان النظام انتهى وأن لا مجال لأي حلّ او تسوية من ايّ نوع ما دام بشّار الاسد في دمشق.
ربحت روسيا في المدى القصير. لديها في سوريا حليفان قويّان هما اسرائيل وإيران، ولكن ما العمل في المدى الطويل عندما ستكتشف عمق الرفض الشعبي للنظام؟ هل تكتفي بمنطقة ساحلية تدير منها الحروب الداخلية التي تبدو سوريا مقبلة عليها، فيما اسرائيل تتفرّج على المشهد الدموي، الذي تورّطت فيه ايران الى ما فوق رأسها، من مكان مرتفع اسمه الجولان؟ إيلاف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية