العدد 2761
الجمعة 06 مايو 2016
banner
رؤيا مغايرة فاتن حمزة
فاتن حمزة
“حلــــب تحتــــرق”
الجمعة 06 مايو 2016

إدانات وشجب واستنكار وسط صمت دولي يسترخص دماء أبرياء في حلب، جهود دبلوماسية هزيلة تقف عاجزة أمام إحصاءات مذعرة ترصد قتيلا سورياً كل 25 دقيقة وجريحاً كل 13 دقيقة، وفق “بي بي سي”، استهداف متعمد من قبل النظام السوري للمستشفيات والأحياء المدنية وسط حظر دولي وقطع الإمدادات والمساعدات الإغاثية، يستمر القصف أياما ومئات القتلى يتساقطون على أيادي بشار وميليشياته والقوات الروسية، مجازر وضحايا لتصفية الشعب السوري ولا نزال في مرحلة المباحثات ومهازل المفاوضات غير الجادة ! هذا تماماً ما يحصل في مدينة حلب اليوم، ظلم وقتل وتطهيرات عرقية تتصاعد وتزداد وتيرتها يوماً بعد يوم، وما تؤول إليه مساعي المجتمع الدولي لا يوازي مطلقاً حجم ذلك الدمار، حتى فقدنا الأمل في وعودهم الرنانة ومحاولاتهم المزيفة لإحياء اتفاقات وقف الأعمال القتالية في سوريا، مبادرات باطنها داعم لنظام الأسد تستخدمها أميركا وروسيا كتصبيرة للرافضين والمستنكرين، وما هي إلا مضيعة وقت ومماطلة يدفع ثمنها أبرياء .
استحضرت وأنا أشاهد ما يجري في حلب قول الله عز وجل: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
فأين النصرة ممن يملك أمره؟!
حتى أولئك الذين سارعوا في التعاطف مع تفجيرات باريس فزينوا ابراجهم وأهراماتهم ومعالم بلدانهم بعلم فرنسا، وسخروا طاقاتهم لنصرتهم في محنتهم، هل تسمع لهم اليوم مع مأساة حلب ركزا؟!
كم هو مؤسف ما آلت إليه أحوالنا، أعوان الشيطان شغلوا الناس باستهدافهم هذه المدينة، وأنسوهم بقية مآسي سوريا والعراق والأحواز، وبقية العالم الإسلامي، وقريباً قد يشمل النظام السوري حلب بالهدنة وسيفرح السذج لهذا القرار، ويباركونه ويقبلون بضريبة 12 %.
إن دماء المسلمين أغلى من أي اعتبار ولا ينبغي المتاجرة بها بحجة أن ما يحدث من قتل في سوريا إنما هو في مصلحتنا من حيث ان مقتل أي من الطرفين فتح لنا، فهؤلاء إرهابيون سينقلبون علينا إن نجحوا، وأولئك نظام ظالم مدعوم بأظلم منه. ولكن بين هؤلاء وأولئك أبرياء قال فيهم صلى الله عليه وآله وسلم: لزوال الدنيا أهون على الله عز وجل من سفك دم مسلم بغير حق. ولن يكون هؤلاء الذين يخذلون حلب وسوريا وغيرهما بمنأى من حديثِ النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما منِ امرئٍ يخذلُ امرأً مسلماً في موضعٍ تنتهكُ فيه حرمتُه وينتقصُ فيه من عرضِه إلا خذلهُ الله في موطنٍ يحبُّ فيه نصرتُه”. وسيأتي على هؤلاء اليوم الذي سيقولون فيه “إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض”.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .