العدد 2792
الإثنين 06 يونيو 2016
banner
سُلطة المكتب
الإثنين 06 يونيو 2016



تُعَرَّف البيروقراطية على أنها “سُلطة المكتب”، وأنها أداة صماء، لا تستمع إلا إلى مكنوناتها الداخلية ورغباتها في فرض الأوامر والتسلط، وبالتالي فإنها لا تتقبل النقد البناء، بل تتعدى حدود ذلك إلى محاربته.
لمجتمعات الدول النامية، نصيب الأسد من الانتقاد على هذه الإشكالية، ولا يزال ذلك مثار نقاش، على أنهم أكثر الدول اعتناقاً للبيروقراطية، وأقلها تحفيزاً للديمقراطية، حتى وإن كان البعض منها قد منح حيزاً لمظاهر الديمقراطية.
إنَّ البيروقراطية تنبع على المستوى الفردي، ثم تأخذ أشكالاً أشمل وأعمق على مستوى المجتمع، ذلك عندما تنال حظاً وافراً من التحفيز لدعم استمرارها، ونجد في أماكن كثيرة أمثلة لا حصر لها على ذلك.
انتهاج المنهج البيروقراطي في أي كيان مؤسساتي، يأخذ أبعاده الشخصية؛ لأنه يمثل الفرد وليس المجتمع المكون لتلك المؤسسة. هؤلاء الأفراد، يجدون لآرائهم وأفكارهم طريقاً لإدارة هذه المجتمعات. ورغم أن القوانين تأخذ محلها من الوجود في بعض هذه المجتمعات، سوى أن الهيمنة البيروقراطية يمكن أن تؤثر لتضعفها وتنال منها، حتى ينتج سوء المحصل النهائي.
أعتقد أو أكاد أجزم قطعاً بأن اجتثاث الفكر البيروقراطي على مستوى الأفراد، وخصوصاً ممن يديرون أية مؤسسة كانت أو مجتمع عمل في الدول الأقل تقدماً، لا يكون إلا عن طريق إشباع الأفراد ــ منذ الوهلة الأولى من حياتهم الدراسية أو العملية ــ بأسس تمكين القوانين، وتعزيز روح الاستماع للآخر، والأخذ بآراء أصحاب الخبرة والمشورة، وتعزيز مفاهيم الحوار والإصغاء بتمعن للآراء المضادة، حتى وإن كانت لا تتناسب مع الأهواء، لكنها قد تكون جديرة بالتمحيص.
إنها دعوة صادقة ــ لأي مجتمع ــ إلى إفشاء روح الديمقراطية في النفوس، حتى تكون المجتمعات قادرة على التكيف مع جملة المتغيرات والتحديات التي قد تواجهها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية