العدد 2818
السبت 02 يوليو 2016
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
“فامبايرز” الإسلام السياسي في العالم العربي!
السبت 02 يوليو 2016


كما استشرفناه بعيرًا، لا ربيعًا في “ربيعهم العربي” بقي هو هو، شعارات رائعة بنتائج مروعة!
توحم البعض على الديمقراطية بأنياب شبيهة بسمك قرش ليبرالي، وإذا بها تلد سفاحا، دراكولا متوحشا، ينهش لحم الآخر، ويرتهن الوطن لـ “الهلال، وينكش بين أسنانه لحم الوحدة الوطنية باسم الإله، ليعيد إسلامًا سياسيًا شبيها بحركات تكلست، إنه إسلام سياسي لكن بمخيلة شيوعية لينينية مذببة، أو قومية ناصرية متكلسة، تبتلع الجغرافيا العربية بنكهة بطركية دمجية تختصر الأرض في شخص “الزعيم الأوحد”، “المنقذ” كما حدث لعبدالناصر وعبدالكريم قاسم أو بعثية سادية، تشرع دستورها بسكين وبرصاصة شعار، لكنها هذه المرة بلحية تدعو لإقامة الحكومة الملتحية أو بوعد جنة الإسلام السياسي المزعومة بحور العين.
سقط المسرح ولم يتغير الممثلون، يختزل الزمن مسافات، ويتموضع القدر بذات البشر، وبروح فكر حجر، مختزلا الماضي التعيس بشعارات ديماغوجية تتكرر بصور مختلفة لكن هذه المرة بفكرة “الخلاص” وأختام السماء المقيدة بـ “زنزانة” الحزب المنتشي بخرافة الدولة الجديدة، عنوانها: الدولة الدينية التي من مفردات دستورها، الانقضاض على الجمال وبنظرية فلسفية تلغي السعادة ومباهج الحياة بفتاوى تقتل الإبداع، وقطع الأصابع، وتشييد المسالخ والمذابح، بزعم امتلاكها أختام السماء وإمضاءات الإله، بفلسفة فوضوية عجز عن فلسفتها راسل ونيتشه وسبانوزا، وماركيز دي ساد!
 ما أجمل شعار الإسلام السياسي، وما أتعس نتائجه! يبهرك شعاره، يرفع فيك شهوة اندروفين السعادة ليلا لتفيق على بؤسه نهارا وأنت تشهد شبابا يقاد للمسالخ والمقابر وفوهة الجحيم.
فوضى تعم الإقليم وخرائط ترتجف من نكبة الإسلام السياسي ووحوشه “الزومبي” و”فامبايرز” التعاسة الأبدية المتقنة باحتراف، وكأنك تشاهد مسلسل “ووكن ديد”.
 المنتج بشع، والإعلانات رائعة، دكاكين لتوزيع الموت على الخرائط، وحوانيت تعقد مزادات لبيع الموت على شاب خطف عقله إلى الضياع.
يقول محمد الماغوط: “ليس مشكلتنا مع الله وإنما مع الذين يَرون أنفسهم أنهم بعد الله”. لن تنتهي حدة التعاسة في هذا الجزء الملعون من العالم حتى يفصل الدين عن السياسة كما فصل الأوربيون القساوسة والكنيسة عن التدخل والسياسة.
ماذا لو بقي حكم الإسلاميين لإسبانيا، وامتد زحفهم لأوربا غير قتل الإبداع ونشر التنغيص على حياة الناس حيث حولوا الدين إلى جلاد سادي يتربص البشر لرهنهم بزنازين الأيديولوجيات، ومعسكرات الموت، ليفرخوا أطفالا، أصابعهم منشغلة بالزناد لا البيانو.
يجب كسر التابو، وفصل مقدس الدين الرحيم عن مدنس التسييس الرجيم.
أصبح العالم يخاف منا بسبب بشاعة الصورة، وتعاسة المنتج، ووحشية الأداء، وبؤس المنظر. كما يقول أدونيس: “أني أكره الإجماع؛ لأنه من صفات القطيع حيث انتظار حزمة البرسيم”.
لا شي يغوي في هذه المدينة، مدن الملح، وتضخم الأنا الأنوية، وانتفاخ البطولة المشتهاة للموت، وتمزيق الجمال، ليتربع القبح على خارطة عربية.
كل إسلام سياسي احتكر الجنة في حزبه الشوفيني، والسؤال من الذي خدم الإسلام الجميل أصحاب الوسطية المعتدلة اما إسلام السلاح والرعب وفوبيا التنوير؟
 يا زرقة السماء، كم نحن بحاجة إلى مطر رحمة وجمال وسلام وعقل في عالم يعثر بنا الموت ولا نعثر به، إنهم ينتعلون بالسماء قبحا وكم يحتاجون إلى أن يتوجوا بها جمالا وسموًا.
ما أتعس العيش مع الإسلام السياسي وتعس حكمه وحامضه النووي!
دلوني على بلد تمدد فيه الإسلام السياسي بشتى صوره لم يقتل الجمال ويزرع الفوضى ويربك الخرائط؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .