العدد 2837
الخميس 21 يوليو 2016
banner
رؤية مغايرة فاتن حمزة
فاتن حمزة
دماء على ضفاف البوسفور !
الخميس 21 يوليو 2016



أوضاع غامضة ومبهمة مرت مساء يوم الجمعة على تركيا بعد إعلان الجيش السيطرة على السلطة، مر سيناريو الأحداث بين تخبطات في التصريحات العسكرية تؤكد الانقلاب وتصريحات مضادة من أردوغان وأعضاء حكومته تؤكد فشله وتدعو الشعب للنزول إلى الشوارع للدفاع عن الديمقراطية.
محاولة انقلاب مستوردة غريبة، فهي مؤامرة خارجية تستهدف تركيا بلا قاعدة شعبية ولا تأييد دولي، وكما صرحت السلطات التركية، ان زعيم جماعة فتح الله كولن “الكيان الموازي” هو من قام بتدبير وتنفيذ ذلك التحرك العسكري.
محاولة تم التكتيك لها بعقليات تقليدية مستنسخة وغير موفقة انهزمت أمام التكنولوجيا وإرادة الشعب.
غلق نصف جسر البوسفور يعكس الوضع الحقيقي من حيث أن الذي نشاهده هو نصف الحقيقة، فنصفها الآخر اتضح بعد ساعات، لقد تصرف أردوغان بحكمة لإيصال رسالته لشعبه، الذي يفوق الـ 80 مليونا، من خلال مخاطبتهم باستخدام “الفيس بوك” ومحطة “سي.إن.إن تورك”، احتلال وقع في فترة وجيزة وانتهى بكلمة من أردوغان عبر سكايب دعى فيها شعبه للنزول للميادين، لقد كان أقصر مسلسل تركي انتهى بعد الاستجابة لقرار أعاد له حريته وكيانه، وهنا الفرق بين شعب يحمي نظامه ونظام يقتل شعبه كما في سوريا والعراق!
حادثة تركيا تؤكد عدم جدوى الانقلابات العسكرية في ظل وجود شعب متكاتف يلتف حول الحاكم، ولا يغيب عنا دور حزب العدالة والتنمية الإيجابي في المجتمع التركي، لقد فشل الرهان على وضع شبيه بانقلاب العسكر في مصر.
في تركيا تمثل ذلك في موقف العلمانيين أنفسهم من الانقلاب حيث وقفوا مع الشعب، رغم أن المؤسسة العسكرية التركية هي الحامية للعلمانية الأمر الذي أظهر أن الدور القادم بل الحالي هو للشعوب، أخلص درع حصين يحمي ويصون الوطن، واستثماره هو تحقيق عزة ومنعة تحمي استقراره .
دروس كثيرة نستخلصها من الأحداث التركية ومن أهمها الموقف الإيجابي للمعارضة الرافض للانقلاب، مواقف مشرفة من المخالفين لأردوغان في الرأي، داود أغلو انموذجاً، مواقف وطنية أبهرت العالم مؤكدة أن مصلحة بلادهم أكبر من أردوغان.
مشاهد وطنية أصيلة وكلمات وهتافات وتكبيرات توحدت حباً للوطن وحفاظاً على كرامته، مشاهد ومواقف تمنيت رؤيتها مع أحداث 2011 في البحرين، فمن ادعوا المعارضة استهدفوا الوطن تحقيقاً لمطالبهم، كشفوا حقدهم وانعدام وطنيتهم، غرسوا الخناجر في وطن احتضنهم، لقد عمدوا بشتى الطرق لإعاقة البحرين وتشويهها والاستقواء بالخارج لدعم المصالح، ليتهم يتعظون من الشعب التركي، لحمة وتكاتف وولاء لأجل الوطن هكذا تملأ الثغرات التي يتخللها الطامعون.
حادثة تركيا أسقطت الأقنعة وكشفت زيف النفوس، لقد خذلت الراقصين على الجراحات من دول وأفراد عجلوا في شماتاتهم، متسابقين في كشف أوراقهم وفضح مكنوناتهم وحقيقة نواياهم البغيضة.
تركيا بحاجة اليوم لمراجعة شاملة واستغلال حجم المكاسب التي آلت اليها الأمور بدءاً من تطهيرها ممن خانها لتعود أقوى، فالأيام مازالت حبلى ولا ندري ما تخفيها من تطورات.. حفظ الله تركيا وحفظ الأمة الإسلامية من كل شر وسوء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .