العدد 2847
الأحد 31 يوليو 2016
banner
هل يفعلها ترامب؟ (2)
الأحد 31 يوليو 2016



علينا أن ندرك أن ترامب ربما يخالف تاريخ المرشحين الجمهوريين في البيت الأبيض، فهو قد يكون أقلهم تقريباً احتكاكاً بالسياسة الخارجية قبل الترشح للمنصب، ولكن يجسد بالمقابل نموذج النيوليبرالية الأميركية القادم من عالم المال والاقتصاد إلى عالم السياسة، فهو رمز للثقافة الليبرالية التي تزاوج بين المال والإعلام والتجارة والسياسة. وهو في هذه الجزئية تحديداً لا يمتلك في الحقيقة ميزة متفردة، فمنافسته هيلاري كلينتون تمثل بنظر الكثيرين رمزاً لقيم “وول ستريت” وأصحاب الثروات الأميركيين، ولكن ترامب بالتأكيد يبدو مختلفاً عن الساسة التقليديين في الحزبين الرئيسيين، بل يعتقد البعض أنه يمثل “الطريق الثالث” الذي خرج من قلب الحزب الجمهوري في ظل صعوبة بروز تيار سياسي ثالث منافس للحزبين العتيقين في السياسة الأميركية. وهنا تحديداً نشير الى أحد مصادر قوته وتنافسيته في الأشهر القلائل المقبلة، فهو صوت غير تقليدي في السياسة الأميركية، ولا يتحدث مثل المرشحين السابقين، لذا فإنه سيراهن كثيراً على تكريس التغير في المزاج السياسي الأميركي من أجل تعزيز موقفه الانتخابي.
يجب علينا أن ندرك أن هناك فترة ليست قصيرة على انتخابات نوفمبر المقبل، وأن ترامب سيناور كثيراً بورقة التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة خارجياً، ولكن من الصعب عليه أن يكون لاعباً جيداً في ملف الأمن الاجتماعي الذي برز مؤخرا، بتنامي نزعة العنصرية والتمييز ضد الأقليات، لاسيما أن ترامب نفسه يتهم بأنه من شجع هذه النزعات منذ ترشحه للرئاسة.
بالنسبة لنا في منطقة الخليج العربي، فشأننا شأن بقية دول العالم، تهمنا كثيراً هوية من يجلس على كرسي البيت الأبيض، فالشخص الجالس هناك يؤثر حتماً في سياسات دول العالم أجمع، وهذه حقيقة لا تقلل من شأن أي طرف أو أية دولة، لأن المسألة ترتبط أساساً بشبكة المصالح الاستراتيجية الضخمة والمعقدة التي تربط الولايات المتحدة بدول العالم كافة.
لا أحد يستطيع أن يجزم بهوية الفائز المحتمل بالانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، ولكن هناك مؤشرات ترجيحية، وهي مهمة، ولكن علينا ألا نفرط في التوقعات، لأننا بصدد معركة انتخابية غير تقليدية، أحد الطرفين مرشح استطاع ان يقلب التوقعات وينتزع ورقة الترشح عن الحزب الجمهوري مخالفاً كل التوقعات والتقديرات الاستراتيجية التي قللت من فرص فوزه ليس فقط بالترشح النهائي، بل بتجاوز المراحل التمهيدية في الانتخابات الحزبية، وعلينا فقط أن نتذكر بدايات حملة ترامب، وكيف واجهها الجمهور والاعلام الأميركي وكيف تعامل معها، وكيف كانت صورته وكيف أصبحت لنتأكد أننا امام تحول غير مسبوق باستخدام وسائل الدعاية والتسويق السياسي المؤثرة.
من الآن وحتى جولة الحسم الانتخابي في نوفمبر المقبل، علينا أن نراقب ونتابع التحولات المتوقعة في خطاب ترامب لاسيما تجاه القضايا المثيرة للجدل، ثم علينا أن نتساءل: هل يفعلها ترامب؟. إيلاف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .