دائما ما يحرك الصحافي الفضول ويوجهه نحو سبر أغوار الحقيقة، وهذا تحديداً هو الذي دفعني إلى السعي لخوض تجربة إنسانية جديدة في بلد غير الذي كنت أعيش فيه. ومن هنا بدأت رحلة انضمامي إلى هيئة تحرير صحيفة “البلاد” حتى نلت شرف العمل في هذه المؤسسة العريقة. وبعد ساعات قليلة من وصولي إلى البحرين، قادماً من قطر، أيقنت أنني لن أستغرق وقتاً طويلاً حتى أعتاد على طبيعة الحياة في هذا البلد الجميل والعيش وسط أهله الطيبين.
وفيما كنت أعد نفسي لتولي هذه المسؤولية فوجئت بتلقي دعوة كريمة لحضور مجلس رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة... كيف لي أن أنال هذا الشرف الرفيع ولم يمضِ على قدومي إلى البحرين سوى أربعة أيام فقط؟! فمقابلة شخصية في مقام سموه شرف لم أحظَ به من قبل في أي من البلدان التي عملت بها. وبعد لحظات من التفكير والتأمل أدركت أنني أقف أمام قائد عظيم أنعم الله عليه بالحكمة البالغة والبصيرة النافذة وسعة الصدر، وجميعها مقومات نادراً ما تجتمع إلا في العظماء من القادة الذين سجلوا أسماءهم بأحرف من نور عبر التاريخ.
لم تنته المفاجأة عند هذا الحد، إذ ازدادت دهشتي عندما بدأ سموه في إلقاء التحية على جميع من شاركتهم في نيل هذا الشرف الكبير، ذاكراً كل فرد منهم بالاسم، حتى إنه خاطبني بشكل مباشر، حينها تملكني شعور بالفخر لوجودي في مجلس هذا القائد الملهم، الذي لا يدرك أهمية التواصل بين القيادة والمسؤولين والإعلاميين والمواطنين كافة فحسب، بل يمارس هذا التواصل بشكل عملي وبأرقى صورة ممكنة، ويقوم بالتوجيه والنصح بطريقة يغلفها الود وتبطنها الحكمة لتصل رسائله بكل سهولة ويسر إلى قلوب وعقول الحاضرين. بالنسبة لي كانت تجربة فريدة من نوعها، وأثق في أنني لن أجد لها مثيلاً في أي بلد آخر غير البحرين.
في أيام قليلة عشتها في البحرين رأيت ما لم أره في حياتي من قبل، رأيت شعباً مضيافاً وودوداً، وشباباً واعياً وطموحاً، وقائداً محنكاً أشعرني بأنني واحد من أبنائه. كل ما لاحظته وعايشته خلال هذه الأيام يبشر بمستقبل مشرق للجميع في هذا الوطن المعطاء.