العدد 2894
الجمعة 16 سبتمبر 2016
banner
المفوض “السامّ”
الجمعة 16 سبتمبر 2016



“سأكون أول مفوض سام من القارة الآسيوية ومن العالمين الإسلامي والعربي”، كانت هذه أول عبارة قالها زيد رعد الحسين تعليقاً على تعيينه مفوضًا ساميًا لحقوق الإنسان في 16 يونيو 2014، ليصبح منذ ذلك التاريخ المسؤول الرئيسي عن حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
يبدو أن الأمير الأردني كان يقصد المعنى الآخر من كلمة “سام”، إذ حملت كلمته أمام الدورة الثانية والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان، في جنيف، سموماً مدسوسة ضد البحرين ومغالطات فاضحة، لا أعتقد أنها جاءت عن جهل منه، فهو ليس بغريب عن المنطقة، ويعلم ما تواجهه البحرين من تحديات تفرضها البيئة الإقليمية المعادية والمتطرفة.
من الواضح أن المفوض “السام” جداً رضخ لنفوذ جماعات الضغط التي تتغلغل كالمرض الخبيث في مجلسه غير الموقر. وقد يسأل البعض؛ ما هي المصلحة التي ستعود على تلك الجماعات من هذه المحاولات الفاشلة لتشويه صورة البحرين وتلويث سمعتها في المحافل الدولية والإساءة إلى شعبها وقيادتها؟! الإجابة بكل بساطة هي المال، الذي يحرك كل شيء في هذه المؤسسة الذي ينخر الفساد عظامها.
كيف تضع المال في الجيب المناسب؟ هذا هو اختصاص شركات العلاقات العامة، التي تمكنت في فترة زمنية قليلة من تأسيس شبكة عالمية من النفوذ تضم تحت مظلتها شخصيات عامة ومسؤولين يتمتعون بالمرونة الأخلاقية، ووسائل إعلام مقروءة ومرئية ومسموعة، وكلما ارتفعت أتعاب هذه الشركات كلما اتسعت حلقة نفوذها وازداد تأثيرها.
القاعدة الأخلاقية الوحيدة التي تلتزم بها شركات العلاقات العامة هي “ادفع تنل”، فهي كفتيات الليل اللاتي هن على استعداد أن يفعلن أي شيء لزبائنهن مقابل المال، ولكي تضفي الشرعية على عملها تدخل تلك الشركات في عقود مع عملائها تحت بند العلاقات العامة، وبموجب هذه العقود توظف فرقاً من المرتزقة الذين يعملون كالكائنات الطفيلية بشكل ملاصق مع العميل ويلبون له رغباته، سواء أكانت حميدة أم خبيثة.
بصمة مرتزقة العلاقات العامة واضحة في الهجوم الذي تتعرض له البحرين من جبهات عدة، والدليل هو أن هذه الهجمات تتم بشكل منسق ومتزامن، وعبر وسائل إعلامية أميركية وأوروبية ومنظمات دولية حكومية وغير حكومية، ويبدو أن المتربصين بالبحرين تمكنوا من وضع مبالغ كبيرة من الأموال في أكثر من جيب عميق، ولكن ستذهب أموالهم هباء منثورًا وستبوء كل محاولاتهم بالفشل لأنهم بذكائهم المحدود لا يدركون أن حملات العلاقات العامة يمكن أن تؤثر على الرأي العام، لكن لا يمكن أن تبدل الحقائق.
الحقيقة هي أن البحرين، رغم كل ما تواجه من تحديات، تحرز تقدماً ملحوظاً في مجال حقوق الإنسان، وحكومتها الرشيدة ملتزمة بجميع المواثيق والقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، بما لا يخل بأمن واستقرار الوطن ويهدد حياة المواطنين.
وربما يحتاج المفوض “السام”، أن يقرأ ما تًعرّف به مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نفسها عبر موقعها على الإنترنت، حيث تقول: “نحن نوفر القيادة، ونعمل بموضوعية، ونضطلع بالتثقيف”، عندها سيجد أن كل ما قاله عن البحرين يتناقض مع هذه الرسائل الثلاث، فهو لم يوفر القيادة بانصياعه لجماعات الضغط، ولم يتحلّ بالموضوعية حيال الإجراءات القانونية التي اتخذتها المملكة، وتضمن خطابه السام مغالطات هي أبعد ما يكون عن التثقيف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية