العدد 2916
السبت 08 أكتوبر 2016
banner
حرب أكتوبر في بعدها القومي
السبت 08 أكتوبر 2016

مرت علينا مؤخرا الذكرى الثالثة والأربعون لحرب رمضان أو أكتوبر كما يطلق عليها، وهي الحرب التي كان من المفترض أن يستعيد بها ومن خلالها العرب أراضيهم المحتلة كخطوة أولى نحو حل القضية المستعصية وأم القضايا وهي قضية اغتصاب فلسطين من قبل الصهاينة، مرت علينا هذه الذكرى وقد تم انتزاع البعد القومي لهذه الحرب التي لم نر لها ذكرا في القنوات الفضائية غير المصرية.  مثلت هذه الحرب البعد القومي في قضية الصراع العربي الصهيوني من خلال مشاركة جل الدول العربية فيها، من الغرب كانت مشاركة الجزائر وليبيا مع مصر، ومن الشرق كانت الكويت والعراق والسعودية مع سوريا ومصر، والحرب في الأساس كانت بين مصر وسوريا من جهة والعدو الصهيوني من جهة أخرى، بمعنى أن الجانب القومي تجلى بأفضل صوره في تلك الحرب، إلا أنها فقدت هذا الطابع شيئا فشيئا وتحولت إلى سمة قطرية لا يذكرها إلا أشقاؤنا في مصر أو سوريا، أما الباقي فاكتفوا بمناسباتهم القطرية التي لا تصل إلى أية مرتبة بتلك الحرب ونتائجها.
ربما لا تكون المشكلة في هذه الأقطار بقدر ما حدث بعد الحرب وتأثير ذلك على تلك الأقطار، فقد كان للكثير منها الدور المناسب، إلا أن الرئيس المصري في ذلك الوقت انفرد بنتائجها وحولها من حرب تحرير للأرض المحتلة كخطوة أولى وفلسطين كخطوة ثانية إلى حرب تحريك للمباحثات والبحث عن حل سلمي يعطي العدو من خلالها ما لم يستطع أخذه هو ومن معه بالقوة والمؤامرات كما حدث في حرب يونيو 67، هذا ما فعله السادات للأسف الشديد، وبه سلب مصر وأبناءها ومن قاتل في تلك الحرب وضحى، سلبهم جميعا الحق في أن يجنوا نتاج ما ضحوا من أجله، بل ضحى بالأمة عندما أقدم على مباحثات الكيلو 101 عند السويس أثناء الحرب ثم الزيارة المشؤومة لفلسطين المحتلة في 78، ثم توجها بإخراج مصر من الصراع في 79 بمعاهدة السلام التي لم يكن العدو الصهيوني يحلم بها.
وعلى الجانب الآخر لم تكن السياسة فقط هي التي أخفقت في استثمار تلك الحرب ولكن الفن أيضا لم يكن على مستوى المسؤولية ولم يدخل إعلاميا ودعائيا لاستثمار ما حدث وتقديمه للمشاهد وأخذ العبر والدروس الوطنية من خلاله، ولا أظن أن السبب في ذلك شح المعلومات، فمهما كانت المعلومات الرسمية شحيحة إلا ان من قاتل في تلك الحرب ورأى ما حدث بإمكانه أن يمد صناع الفن بالكثير من البطولات والحقائق التي صاحبت المعارك في سيناء والجولان. في أميركا ورغم أنها كانت المعتدية في فيتنام وبالرغم من المجازر التي ارتكبتها هناك إلا أنها قامت ومازالت تقوم بنشر الدعاية الكاذبة لممارسات جنودها هناك، أما نحن فلا نمس الحقائق عندنا فنيا ولا نعطي مقاتلينا ما يستحقونه من تقدير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .