العدد 2930
السبت 22 أكتوبر 2016
banner
تحالف الطامعين والتفاحة الحمراء وطبول إيران في بغداد (2)
السبت 22 أكتوبر 2016

إذا كان الصمت الإيراني مريباً، فإن الإصرار التركي على الدخول في معركة الموصل يُثير ريبة أشد، فما هي الورقة التي لدى أنقرة وتجعلها تفرض تدخلها؟ فأعداد القوات التي دربها الأتراك في إطار ما يسمى “الحشد الوطني” صغيرة، ولا تؤثرة كثيرا.
لعل إيقاف قوات البشمركة الكردية التابعة للبرزاني قافلة للجيش العراقي متجهة إلى بعشيقة، حيث الجنود الأتراك، يعطي مؤشراً على تحالف بين الطرفين، فإقليم كردستان العراق لاعب رئيس ليس في إقليمه فحسب، بل في بغداد أيضاً، وليس من مصلحته تهجير سكان الموصل إلى كردستان وإحداث خلل ديموغرافي هناك، ولعل البرزاني يلتقي مع أنقرة بهذه النقطة، فالأتراك أيضاً يعلنونها صراحة بأنهم يخشون صراعاً مذهبياً وتغييراً ديموغرافياً ليس في مدينة الموصل فقط، بل في محيطها كله، خصوصا في القرى التركمانية هناك، وبالفعل اعترف الرئيس الأميركي في اليوم ذاته، بصعوبة معركة الموصل، وبأنه لا مفر من أن تؤدي المعركة إلى نزوح عدد كبير من سكان المدينة.
وأعلنت باريس عن مؤتمر دولي سيعقد لبحث قضية مدينة الموصل، وإدارتها بعد تحريرها من “داعش”، وأن 15 دولة مدعوة إلى هذا الاجتماع، ووُجّهَت دعوة رسمية لتركيا لحضور هذا المؤتمر.
بالطبع عدم مشاركة إيران في الاجتماع لا يعني غيابها، فوزير الخارجية العراقي الذي سيجلس على رأس الطاولة إلى جانب الوزير الفرنسي، سيكون مندوباً عن خارجية إيران، بالإضافة إلى أن الجيش العراقي بحد ذاته، هو جزء لا يتجزأ من الجيش الإيراني.
وبعد هذا الإعلان بساعة فقط أعلن عن زيارة وفد من الخارجية العراقية إلى أنقرة رغبة بحل الأمور العالقة بين البلدين بالطرق الديبلوماسية. وجرى اتصال هاتفي بين أردوغان وبوتين، وبحسب البيان الرئاسي التركي، فإن الحرب على “داعش”، وتأسيس وقف لإطلاق النار في حلب، المواضيع التي ناقشها الرئيسان.
يبدو أن تركيا غيرت طريقة تعاملها مع الولايات المتحدة الأميركية، بعد الذي رأته منها على مدى أكثر من خمس سنوات في القضية السورية. يمكن القول إن أنقرة تمارس نوعاً من فرض أمر واقع على الولايات المتحدة مستغلة الحالة الانتقالية هناك بين عهدين، والتحضير للانتخابات. ومثلما تمكنت من فرض أمر واقع شمالي حلب لم يستطع حتى حلفاء النظام السوري انتقاده، بل بات من الواضح أنهم يخافونه، فهي تسعى لفرض أمر واقع في أماكن أخرى يمكن أن تكون منها الموصل.
غُيبت تركيا عن الساحة الإقليمية بقرار أميركي ورغبة إيرانية وروسية، ولا يمكن القول إنها تستطيع العودة بإمكانياتها الذاتية، فحتى فرض الأمر الواقع الذي تسعى إليه يحتاج إلى قبول أميركي، أو غض طرف على الأقل، ويبدو أن إدارة أوباما لا تريد ترسيخ انطباع التردد عنها قبل مغادرتها البيت الأبيض، وهذا ما تستغله أنقرة جيداً.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية